قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}
  التكذيب للرسول والشك والامتراء.
  ثم أخبر ø على أن النذارة إنما تنفع من تاب وآمن، واتبع التذكير والذكر فأيقن: {وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم}، والإيمان بالغيب فهو: ما أخبر الله عنه مما يأتي به في الآخرة من البعث والنشور، وما أخبر عنه مما لم يكن بعد من غائب الأمور؛ فقبل الخبر في ذلك المؤمنون، وأمنوا من عصيانهم؛ تصديقا لخبر الله عن الغيب فهم لا يعصون، فشكر الله بالغيب إيمانهم، وذكر تصديقهم لما نبأ به من أخبار الغيوب وإيقانهم.
  ثم أخبر تبارك وتعالى عن صدق ما وعد من إحيائه للموتى، وكتابة ما قدموا من أعمالهم وآثارهم في أيام حياتهم التي آثروا، فقال: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا آثارهم}، وكتاب ذلك: حفظه وإثباته - والله أعلم -، وأنه لا ينسى منه صغيرا ولا كبيرا، ولا قليلا ولا كثيرا؛ فأي كتاب أثبت من حفظ الله، والحفظة الكرام من ملائكته لأعمالهم وآثارهم كلها في منقلباتهم، في ليلهم ونهارهم وجميع أيام حياتهم، قال سبحانه: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين}، والإمام فهو: المتقن من الكتاب، الذي ليس في حفظه وبيانه شك ولا ارتياب، فهو بين مبين.
  ثم ضرب لهم مثلا من تكذيب أصحاب القرية لأنبيائهم المبعوثين إليهم، إذ كانوا لهم في التكذيب مثلا، فقال: {واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ١٣ إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث}، يعني سبحانه وهو أعلم وأحكم بـ {عززنا}: شددنا ووكدنا؛ لأن الثلاثة في الإنذار أبلغ، وفي التأكيد عليهم للحجة أكبر. {فقالوا إنا إليكم مرسلون}.
  ثم أخبر سبحانه أنهم قالوا كما قالت قريش والعرب، مكذبين لرسلهم: {ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون}.