قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}
  ثم أخبر سبحانه عن استشهاد رسله له في رسالتهم؛ إذ هو أعظم الشاهدين شهادة، وأصدق القائلين مقالة: {ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ١٦ وما علينا إلا البلاغ المبين ١٧}، معزيا لنبيه عما كان يضيق به صدره، من تكذيبهم له مع علمه بصدقه، وأنه مبعوث بالرسالة من قبل ربه، بإخباره عما لقيت الأنبياء $ من قبله، وأنهم كانوا يقولون مثل ما قال قومه لأنبيائهم.
  ثم أخبر تعالى عن قول الكفرة لرسلهم فيما كانوا يقولون به كذبا، من التطير والتشاؤم بهم، إذ يقولون: {إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم}؛ ليتعزى رسول الله ÷ في الصبر على أذى قومه، بما نال المرسلين من قبله، فقال المرسلون $ لقومهم، عند تطيرهم بهم: {طائركم معكم}، يعنون بطائرهم: ما قسمه الله لهم من أرزاقهم وأعمارهم، وما علموا أنه سيحل بهم من المحبوب والمكروه في ليلهم ونهارهم؛ إذ التطير في لسان العرب هو: ما قسم لكل امرئ وطار له من كل نصيب، في رزق أو مكروه أو موت أو أمر محبوب؛ فأخبروهم أن ذلك معهم، يعنون: أنه مقسوم لهم، لا يزيله مزيل عنهم، يريدون: أن ما قسم الله لهم من الأعمال، والأرزاق والآجال، وما يتصرفون فيه من ذلك، ودوامه وانقطاعه - قد قسمه الله لهم، حتى علم ما يطير منه ويصير لواحدهم وجميعهم؛ فهو كيف ما كانوا محكوم به لهم، طائر ما أعطاهم الله منه إليهم، فهو معهم.
  ثم قال المرسلون $ لهم: {أئن ذكرتم}، يعنون: أمن أجل أن ذكرتم، فأمرتم بطاعة الله وأنذرتم - كذبتم وأسرفتم؛ {بل أنتم قوم مسرفون}.
  ثم أخبر سبحانه عن الرجل المؤمن، المصدق بالرسل والآخرة، فقال سبحانه: {وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين ٢٠ اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ٢١}، فدعا قومه إلى اتباع المرسلين، وأمرهم بطاعة رب العالمين، وأخبرهم أن أنبياءهم لم يأتوا يطلبون منهم فيما