تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}

صفحة 405 - الجزء 2

  الألسنة من العرب والعجم في ذلك اختلاف؛ وكذلك فمن الحديد والحجارة، وجميع ما في المعادن المذكورة: ذكران وإناث، وكل هذا فمما علمنا الله ودلنا عليه، ومن الذكران والإناث - كما قال الله سبحانه - ما لا نعلمه؛ إذ لم يذكره، ولم يهدنا إليه، إلا أن الله سبحانه قد أخبرنا عن أهل سماواته، ومن عنده من مكرم ملائكته: أنهم ذكران لا إناث؛ إذ أنكر قول المشركين بالتأنيث لهم فيهم، ورد ضلالهم مكذبا لهم عليهم؛ إذ يقول تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون ١٩}⁣[الزخرف]، وقال تعالى: {لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون}⁣[النساء: ١٧٢]، ولو كانوا إناثا لقال: ولا الملائكة المقربات؛ ولكنه ليس فيهم ولا منهم أنثى؛ ولذلك قال: {المقربون}، دليل على أنهم ذكران مذكورون.

  ثم قال لا إله إلا هو منبها على ما في الليل والنهار ومن آياته، وما فيهما على الخلق من عظيم نعمته: {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ٣٧ والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ٣٨}، فأي آية أكبر وأعظم عند من يعقل ويفهم، من اختلاف الليل والنهار، وما يقدر الله بهما وفيهما من عجائب التدبير والأقدار، بينما الناس في ضوء شمسهم ونهارهم، مقبلون ومدبرون في معايشهم وأمورهم، والشمس تجري في فلكها عالية من فوقهم، قد قدر الله بها وبجريها ما نعلمه - لكثرة عبره - من تدبير مصالحهم ومرافقهم، إذ قطعت الفلك بأمر ربها وربهم، فتصوبت للغروب، وأقبل الليل منسلخا منه النهار؛ وانسلاخه منه - والله أعلم -: انسلاخه عنه، وعنه ومنه مقامهما في هذا مقام واحد؛ فحينئذ يبدوا سواد الليل طالعا، فكلما انسلخ النهار مدبرا، ومضى بين يديه عنه مستأخرا - ظهر وازداد اسودادا، حتى إذا نحن بعد النور والبرهان مظلمون، وعن الإقبال والإدبار لما كنا نقبل له نهارا أو عن أكثر