تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}

صفحة 408 - الجزء 2

  قرنها الله ø بالسفن في ذكرها، فقال: {وعليها وعلى الفلك تحملون}⁣[المؤمنون: ٢٢]، فهذا فيما ذكر الله من قوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}، وما نرى - والله أعلم - أن الله أراد بقوله: {وخلقنا لهم من مثله ما يركبون}: إلا ما حمل وأقل من الدواب كلها، الإبل وغير الإبل، غير أن للآبال ما لها في الحملان من الفضل. ثم قال سبحانه {في الفلك المشحون} فهو: المملوء المثقل، وهو الله المنعم المفضل، الحامل لذرياتهم؛ والذريات - والله أعلم - فهي: الذرء والمذروء المكثر من جماعتهم؛ قال سبحانه: {وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون}⁣[المؤمنون: ٧٩]، يعني يذرأكم⁣(⁣١): كثركم ونشركم، وكذلك إذا قيل: ذرية فإنما يراد: جماعة مكثرة مذرية، والواحد من الجماعة المكثرة المذرية: ذرية، والثنتان ذريتان، والثلاث ذريات؛ فكان هذا - والله أعلم - دليلا لمن يعقل فيفهم على أن الذريات هي: الجماعات منكم، المذريات المكثرات؛ لأنه لو كان مخرجها في الذكر إنما يراد بها: الذراري دون الآباء - لكنا نرى كثيرا ممن يركب السفن إنما هم الأكابر، لا الذراري الأصاغر الضعفاء؛ ولكن الذريات. وإن تأول متأول، أو قال قائل: إن الذريات الأطفال، وإن حملهم في الفلك دعة وسكون ومرفق على أبدانهم؛ لضعفهم وصغرهم، وقلة تحريك الفلك لهم - قيل: هذا تأويل يجوز في المعقول، وليس في التأويل بأصل ثابت ولا يزول؛ لأنه ربما كان من زعازع البحر في كثرة الأمواج، وما له عند عصف الريح من شدة الحرة والارتجاج - أشد على راكب الفلك خطرا، وأهول أمرا، من ركوب أصعب صعاب الدواب، التي تجمح بركبانها غاية الجماح، حتى لا يبقى راكبها؛ لشدة تكفتها وقلقها عند زعازع الأمواج لها؛ ولكن التفسير الأول فيما ذكر الله للذريات من الحمل في الفلك أشبه - والحمد


(١) هكذا في المنقول منها، ولعله: «يعني بـ {ذرأكم}: كثركم ونشركم».