تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}

صفحة 410 - الجزء 2

  هي الاتقاء فهي: التي تتقى بها الخطايا فيما خلفهم وبين أيديهم، فلما انتهى الخبر إلى قوله سبحانه: {لعلكم ترحمون}، ولم يذكر عنهم جوابا ولا طاعة - علم أنه إذ لم يذكرهم بالرضى ساخط عليهم؛ لإغفالهم اتقاء ما بين أيديهم وما خلفهم؛ وهذا من مفهوم الكلام عند العرب وأبلغ الاختصار، والمعقول بالمعنى الظاهر منه باطن الإضمار.

  ثم ذكر سبحانه إعراضهم عن الآيات، التي نزلها على نبيه، وما يريهم منها في آفاق السماوات، فقال: {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين}، وذكر - لا إله إلا هو - بخلهم عن الإنفاق مما رزقهم، فقال: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه إن أنتم إلا في ضلال مبين}، فأجابوا فيما دعاهم الله إليه من إطعام الفقير والإنفاق، جواب اللئام البخلاء الجاهلين مثلهم، واحتجوا على النبي ومن دعاهم إلى ذلك من المؤمنين بما لا حجة لهم فيه، فقالوا: {أنطعم من لو يشاء الله أطعمه}، وجهلوا أن ما دعاهم الله إلى إطعام الفقراء محبة لهم بذلك واختبار وبلوى؛ ليجزيهم الله في إطعامهم والإنفاق في ذلك مما رزقهم الجزاء الأوفى، الذي هو أطيب وأعظم مما أنفقوا وأزكى وأكبر، وقد علم النبي # والمؤمنون، إذ هم لهم إلى الإنفاق داعون: أن الله أقدر القادرين، على إطعام الفقراء المعسرين؛ فذكر الله ما كان من ترك الإنفاق، من جواب الكافرين؛ ليكون المؤمنون لمثل معصيتهم فيما أقروا به حذرين.

  ثم قال تبارك وتعالى مخبرا عما كان الكافرون عليه من التكذيب بيوم القيامة ووعدها، بإنكار الكفرة للبعث وجحدها، فقال: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}، يقول الله سبحانه، وهو يخبر أن الصيحة تأتيهم، وهم بالغفلة والتكذيب عنها من الساهين: {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون}، يعني تبارك وتعالى - وهو أعلم وأحكم - أنها تأتيهم بغتة وهم في