خاتمة لكتاب الذبائح
  في غير ذلك مما تسقط فيه الدابة فتموت، ولا تلحق ذكاتها.
  وأما النطيحة: فهو ما تنطحه البقر أو الشاة منهن فتموت.
  وأما ما أكل السبع: فهي الدابة يقتلها السبع، ولا تلحق ذكاتها، فحرم الله ذلك كله إلا أن تلحق منه ذكاة فيذبح، وفيه شيء من حياة، فيكون حينئذ ذكياً حلالاً للآكلين غير محرم على العالمين، وكانت الجاهلية يعدون ذلك ذكياً كله، وليس بميتة.
  ثم قال الله سبحانه: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ}[المائدة: ٣]، والنصب فهي: آلهتهم المنصبة التي كانوا يذبحون لها، وعلى اسمها.
  ومعنى قوله: {عَلَى ٱلنُّصُبِ}[المائدة: ٣]، فإنما هو للنصب، فحرم الله ما ذبح لها، وعلى اسمها.
  ثم قال - جل جلاله، عن أن يحويه قول أو يناله -: {مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ١٠٣}[المائدة: ١٠٣].
  وذلك أن قصي بن كلاب كان أول من بحر، وسيب، ووصل، وحمى، ثم اتبعته على ذلك قريش، ومن كان على دينها من العرب، فكانوا يجعلون ذلك نذراً، ويزعمون أن الله حكم به حكماً، فأكذب الله في ذلك قولهم، وقول إخوانهم المجبرة الذين نسبوا إلى الله كل عظيمة، وقالوا: إنه قضى عليهم بكل معصية، وأدخلهم في كل فاحشة فقال: {مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ}[المائدة: ١٠٣]، فنفى أن يكون جعل ذلك فيهم، أو قضى به سبحانه عليهم، إكذاباً منه لمن رماه بفعله، ونسب إليه سيئات صنعه، فانتفى سبحانه من ذلك، ونسبه إلى أهله، ثم ذكر أنهم يفترون على الله الكذب، فقال: {وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ ١٠٣}[المائدة]، فصدق الله سبحانه إنه لبرئ من أفعالهم، متعال عن ظلمهم وفسادهم،