باب القول فيما ينبغي للمصدق أن يفعل إذا أراد أخذ الصدقة
باب القول فيما ينبغي للمصدق أن يفعل إذا أراد أخذ الصدقة
  · نهج البلاغة: قال الرضي ¥: ومن وصية له # - يعني: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ~ - كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات - وإنما ذكرنا هنا جملاً منها؛ ليُعْلَمَ بها أنه كان يقيم عماد الحق، ويشرع أمثلة العدل في صغير الأمور وكبيرها، ودقيقها وجليلها -: (انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروعنّ مسلماً، ولا تجتازنّ عليه كارهاً، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امضِ إليهم بالسكينة والوقار، حتى تقوم بينهم فتسلّم عليهم، ولا تخدج(١) بالتحية لهم، ثم تقول: عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدّوه إلى وليّه؟ فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه وتوعده، أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه، فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلّط عليه، ولا عنيف به، ولا تنفرنّ بهيمة ولا تفزعنّها، ولا تسوأنّ صاحبها فيها، واصدع المال صدعين، ثم خَيِّره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره، [ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيِّره، فإذا اختار فلا تعترضن لما اختاره](٢) فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله، فاقبض حق الله منه، فإن استقالك فأقله، ثم اخلطها(٣)، ثم اصنع مثل الذي صنعتَ أولاً، حتى تأخذ حق الله في ماله، ولا تأخذنّ عوداً(٤)، ولا هرمة، ولا مكسورة، ولا مهلوسة(٥)، ولا ذات عوار. انتهى.
(١) أي: لا تنقصها. (نهاية).
(٢) ما بين المعقوفين من الديباج الوضي المطبوع (٥/ ١٢٧).
(٣) في الأصل: اخطمها. وما أثبتناه من الديباج الوضي.
(٤) المسنة من الإبل. (من هامش الأصل).
(٥) هي الضعيفة. (من هامش الأصل).