باب القول في القصاص
باب القول في القِصَاصِ
  · الهادي # في الأحكام: قال يحيى بن الحسين ~: حكم الله تبارك وتعالى على بني إسرائيل بالقصاص، ولم يكن أطلق لهم الدية، فقال سبحانه: {وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٞ لَّهُۥۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٤٥}[المائدة]، فبين سبحانه بقوله في آخر الآية: {فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٞ لَّهُۥۚ}[المائدة: ٤٥]، على ما قلنا من أنه لم يكن بينهم دية، ولم يكن إلا اقتصاص أو الهبة، وحكم سبحانه عليهم بأن تكون نفس الرجل بنفس المرأة، وعين الرجل بعين المرأة، وأنف الرجل بأنف المرأة، وجعل كل شيء من جراح الرجال بجراح النساء، ولم يجعل بينهم تفاضلاً في شيء من الأشياء، كما قال سبحانه: {وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ}[المائدة: ٤٥]، الآية، ثم قال في آخرها: {وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ}[المائدة: ٤٥]، ومعنى قوله: {وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ}[المائدة: ٤٥]، يريد: التوراة، وجعل أحكام عبيدهم في ذلك كله كأحكامهم.
  قال يحيى بن الحسين ~: ثم خفّف الله وعفا - تباركت أسماؤه، وجلّ ثناؤه - عن أمة محمد ÷، فغيّر(١) أحكامهم، وفرّق بين دياتهم على قدر مراتبهم، رحمة منه لهم، وعائدة بالفضل عليهم، فقال فيما نزل من الأحكام في القصاص بين أهل الإسلام على نبيئهم محمد #: {كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ ذَٰلِكَ تَخۡفِيفٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةٞۗ
(١) في الأحكام المطبوع: فميّز.