باب القول في الطلاق قبل الدخول
باب القول في الطلاق قبل الدخول
  · الهادي # في الأحكام: قال يحيى بن الحسين ~: ويقال لمن قال: إنه لا يقع الطلاق إلا على وجه طهر من غير جماع: ما تقولون فيمن دخلت عليه امرأته فأرخى الستور، وغلق الأبواب، ثم بدا له بداء فطلق من قبل المجامعة والإفضاء، وقد أرخى عليها الستر، ووجب لها عليه المهر؟ أتقولون له: راجعها أو لا(١) تلزمونه طلاقها؛ إذ لا يقع على مطلق طلاق، ولا يلحق به عندكم إلا على وجه طهر فراق، فقد يلزمكم ذلك في أصل قولكم، فإن قالوا: نعم، نقول بذلك له ونحكيه(٢)، ونرى أنه مخالف لخالقه وباريه، قيل لهم: فأنتم في قولكم وادعائكم إذاً أعرف بالله وبكتابه وحلاله وحرامه من رسول الله وأنبيائه؛ إذ تزعمون أن ذلك لا يجوز، وقد فعله رسول الله ÷ وارتآه، وأجازه وأمضاه، حين أدخلت عليه زوجته أسماء بنت النعمان بن الأسود بن الحارث الكندي، فلما دخلت عليه، وكانت عائشة ابنة أبي بكر قد قالت لها: إن أردت أن تحضي عند رسول الله ÷، فإذا مدّ يده إليك فقولي: أعوذ بالله منك، ففعلت ما أمرتها، فصرف وجهه عنها وقال: «أَمِنَ عائذُ الله، إلحقي بأهلك».
  وكذلك فعل رسول الله ÷ في زوجته جوينة ابنة أبي أسيد، وكان أبو أسيد الساعدي قدم بها عليه، فتولت عائشة وحفصة مشطها، والقيام عليها، فقالت إحداهما لها: إن رسول الله ÷ يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك، فلما دخل عليها، وأرخى الستر، وغلق الأبواب، ومد يده إليها قالت: أعوذ بالله منك، فوضع كمّه على وجهه واستتر، وقال: «عذت معاذاً». ثلاث مرات، ثم خرج فأمر أبا أسيد أن يلحقها بقومها، ومتعها بثوبي كتان، فذكر أنها ماتت كمداً رحمها الله. انتهى.
(١) في الأصل: ولا تلزمونه. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.
(٢) في الأصل: ونخطّيه. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.