باب القول فيما يثبت به عقد الإمامة
باب القول فيما يثبت به عقد الإمامة
  · الهادي # في الأحكام: قال يحيى بن الحسين ~: تثبت الإمامة للإمام وتجب له على جميع الأنام بتثبيت الله لها فيه، وجعله إياها له، وذلك فإنما يكون من الله إليه إذا كانت الشروط المتقدمة التي ذكرناها فيه، فمن كان من أولئك كذلك فقد حكم الله له بذلك، رضي بذلك الخلق أم سخطوا.
  قال: وليس يثبت الإمامةَ الناسُ للإمام، كما يقول أهل الجهل من الأنام: إن الإمامة بزعمهم إنما تثبت للإمام برضا بعضهم، وهذا فأحول المحال، وأسمج ما يقال به من المقال، بل الإمامة تثبت بتثبيت الرحمن لمن ثبّتها [فيه] وحكم بها له من الإنسان، رضي المخلوقون أم سخطوا، شاءوا ذلك وأرادوه أم كرهوا، فمن ثبّت الله له الإمامة وجبت له على الأمة الطاعة، ومن لم يثبت الله له ولاية على المسلمين كان مأثوماً معاقباً ومن اتبعه على ذلك من العالمين؛ لأنه اتبع من لم يجعل الله له حقاً، وعقد لمن لم يعقد الله له عقداً، والأمر والاختيار فمردود في ذلك إلى الرحمن، وليس من الاختيار في ذلك شيء إلى الإنسان، كما قال الله سبحانه: {وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ٦٨}[القصص].
  ويقول سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا ٣٦}[الأحزاب]، صدق الله سبحانه، لقد ضل من اختار سوى خيرته، وقضى بخلاف قضائه، وحكم بضد حكمه، فالحكم كله لله سبحانه، فمن رضي رضيناه، ومن ولّى علينا سبحانه أطعناه، ومن نحّاه عنا جل جلاله نحيناه، وقد بين لنا سبحانه من حكم له بالتولية على الأمة، ومن صرفه عن الأمر والنهي عن الرعية، فجعل خلفاءه الراشدين، وأمناءه المؤمنين، من كان من أهل صفوته وخيرته أجمعين على ما ذكرنا ووصفنا من الصفة التي بينا، ووصفنا بها الإمام