الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في صلاة التراويح

صفحة 405 - الجزء 1

باب القول في صلاة التراويح⁣(⁣١)


(١) وَقَالَ فِي (الرَّوْضِ) (ط ٢، ج ٢، ص ٤٢٥، س ٢٣): «قَالَ [الْقومسِيُّ]: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ # عَنِ الْقِيَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي جَمَاعَةٍ فَقَالَ: لَا نَعْرِفُهَا، وَذَكَرَ عَنْ عَلِيٍّ #: (أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ)، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى: أَجْمَعَ آلُ رَسُولِ اللهِ ÷ عَلَى أَنَّ التَّرَاوِيحَ لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷، وَلَا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ عَلِيًّا قَدْ نَهَى عَنْهَا، وَأَنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَهُمْ وُحْدَانًا أَفْضَل، وَكَذَلِكَ السُّنَّةُ إِلَّا فِي الْفَرِيضَةِ، فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَل. اهـ. [قَال السَّيَّاغيُّ]: وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَرِوَايَةِ الْأَصْلِ بِأَنَّ مَا رَوَاهُ فِي (الْجَامِعِ [الكَافِي]) آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِن اجْتِهَادِهِ #، وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنَّ عَلِيًّا قَدْ نَهَى عَنْهَا؛ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ سَابِقِيَّةُ الْإِذْنِ مِنْهُ # بِذَلِكَ». إِلَخ.

قَالَ الْإِمَامُ الْحُجَّةُ مَجْدُالدِّينِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْمُؤَيَّدِيُّ #: هَذَا الْجَمْعُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ قَوْلَهُ # حُجَّةٌ، وَهْوَ الْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ قُدَمَاءُ الْعِتْرَةِ $ وَغَيْرُهُمْ؛ لِقَوْلِ الرَّسُولِ ÷: «عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْقُرْآنِ»، وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ بَسَطَ الْاحْتِجَاجَ عَلَى ذَلِكَ فِي (شَرْحِ الْغَايَةِ)، وَجَمَعْتُ الْأَدِلَّةَ عَلَى ذَلِكَ فِي (لَوَامِعِ الْأَنْوَارِ)، فَمَنْ أَرَادَ الْاسْتِكْمَالَ بَحَثَ ذَلِكَ، فَلَا يَسَعُ الْحَالُ الْاسْتِكْمَالَ. وَالْأَوْلَى فِي الْجَمْعِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ # رَخَّصَ فِي التَّرَاوِيحِ أَوَّلًا حَيْثُ لَمْ يَعْتَقِدُوهَا سُنَّةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَجِيزُ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلِهَذَا تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى - فِي عَدَمِ النَّهْي عَن بَعْضِ الرَّكعَاتِ الَّتِي لَمْ تُشْرَعْ عِنْدَهُ بِخُصُوصِهَا -: {أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ ٩ عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ ١٠}⁣[العلق]، ثُمَّ لَمَّا عَرَفَ أنَّهُمْ قَد اتَّخَذُوهَا سُنَّةً، وَتَعَصَّبُوا عَلَيْهَا نَهَى عَنْهَا؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ السُّنَّةِ فِيمَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ بِدْعَةٌ. أَمَّا مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ أَنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷ فَلَا مَانِعَ مِنْ فِعْلِهَا، وَلِهَذَا كَانَ يَفْعَلُهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَسَنِ. وَقَالَ حَفِيدُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى $: مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ أَهْلِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ @: أَنَا أَفْعَلُهُ، أَيْ يُصَلِّي بِأَهْلِهِ، مَعَ قَوْلِهِ #: لَا نَعْرِفُهَا، أَيْ لَا نَعْرِفُ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَقَالَ: وَذُكِرَ عَنْ عَلِيٍّ # أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ - أَيْ أَنْ تُفْعَلَ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ -، وَإِلَّا تَنَاقَضَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ. وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى @ إِنَّمَا حَكَى إِجْمَاعَ أَهْلِ الْبَيْتِ $ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷، وَلَا مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ #، وَأَنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهَا - أَيْ فِي آخِرِ الْأَمْرِ - لَمَّا عَلِمَ أنَّهُمْ قَدْ قَالُوا: إِنَّها سُنَّةٌ. فَهَذَا الْجَمْعُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهْوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَهْوَ أَنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷، وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ فَعَلَهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ وَلَا قَائِلٍ بِأَنَّها سُنَّةٌ. أَمَّا أنَّهَا غَيْرُ سُنَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷، فَلِأَنَّهُ قَدْ صَحَّ بِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ أَنَّهُ تَرَكَهَا، وَمَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ ÷ صَلَّاهَا فَقَدْ أَثْبَتَ أَنَّهُ تَرَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ أَزْكَى لَهُ»، بِهَذَا أَوْ مَعْنَاهُ بِرِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَهَا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ. فَنَقُولُ: إِنَّمَا ذَلِكَ الْبَاعِثُ عَلَى التَّرْكِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي الْعِلَّةِ الْبَاعِثَةِ عَلَى الْحُكْمِ أَنْ تَسْتَمِرَّ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَرْتَفِعَ الْحُكْمُ بِزَوَالِهَا. أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَاعِثَ عَلَى شَرْعِيَّةِ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ قَدْ زَالَ، وَبَقِيَ الْحُكْمُ، وَكَذَا الْبَاعِثُ عَلَى شَرْعِيَّةِ الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَدْ زَالَ، وَبَقِيَ الْحُكْمُ. وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُتْرَكُ إِلَّا فِي وَقْتِهِ ÷ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُفْرَضَ لَقَالَ لَهُمْ: صَلُّوهَا =