باب القول فيما يستحب من الخطب في الاستسقاء
  إليك ما لا يخفى عليك، حين ألجأتنا المضائق الوعرة، وأجاءتنا(١) المقاحط المجدبة، وأعيتنا المطالب المتعسرة، وتلاحمت علينا الفتن المستصعبة، اللهم إنا نسألك أن لا تردنا خائبين، ولا تقلبنا واجمين(٢)، ولا تخاطبنا بذنوبنا، ولا تقايسنا بأعمالنا، اللهم انشر علينا غيثك وبركتك ورزقك ورحمتك، واسقنا سقيا نافعة، مروية معشبة، تنبت بها ما قد فات، وتحيي بها ما قد مات، نافعة الحيا، كثيرة المجتنى، تروي بها القيعان، وتسيل البطنان(٣)، وتستورق الأشجار، وترخص الأسعار، إنك على ما تشاء قدير).
  · وفي نهج البلاغة أيضاً: ومن خطبة له # في الاستسقاء: (اللهم قد انصاحت جبالنا، واغبرت أرضنا، وهامت دوابنا، وتحيرت في مرابضها، وعجت عجيج الثكالى على أولادها، وملّت التردد في مراتعها، والحنين إلى مواردها.
  اللهم فارحم أنين الآنّة، وحنين الحانة، اللهم فارحم حيرتها في مذاهبها، وأنينها في موالجها.
  اللهم خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير(٤) السنين، وأخلفتنا مخائل الجود، فكنتَ الرجاء للمبتئس، والبلاغ للملتمس، ندعوك حين قنط الأنام، ومنع الغمام، وهلك السوام أن لا تؤاخذنا بأعمالنا، ولا تأخذنا بذنوبنا، وانشر علينا رحمتك بالسحاب المنبعق، والربيع المغدق، والنبات المونق، سحاً وابلاً، تحيي به ما قد مات، وترد به ما قد فات.
  اللهم سقيا منك محييةً مرويةً، تامةً عامةً، طيبةً مباركةً، هنيئةً مريعةً، زاكياً
(١) أَجَأْتُه، أي: جِئْتُ به، وأَجَأْتُه إليه أي: أَلْجَأْتُه واضطررته إليه. (تاج العروس).
(٢) الوَجِم ككتف وصاحب: العبوس المطرق لشدة الحزن. (قاموس).
(٣) بالطنان: جمع بطن وهو الغامض من الأرض [أي: السهل المنخفض]. (نهاية بتصرف).
(٤) الحدبار بالكسر: السنة الجدبة. (قاموس بتصرف).