(فائدة): في خبر الواحد وفي سبب عدم قبول الأصحاب لأخبار الإمامية
  فإذا ثبت ما قلناه من أحوالهم واعتقاداتهم ثبت ضعف رواياتهم عن أئمتهم، بل لم يجز أن نعتمد عليها؛ لأنا لا نأمن أن يكون أحدهم سمع شيئاً من واحد من أئمتهم بعينه فأضافه إلى غيره ممن هو أعلى طبقةً منه فلا تقع الثقة به.
  ولهذا فرّقنا بينه وبين سائر الروايات الذين لا يتهمون بهذا؛ لأن هذا باب كبير من التهمة، وبدون هذه التهمة تسقط الشهادة، فأولى أن يسقط الخبر.
  وقد رأيت من العلماء [من] يستضعف ما يرويه ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ÷ مع فضل ابن سيرين، وظهور ستره وورعه؛ لما روي أن ابن سيرين كان إذا روى عن أبي هريرة فقيل له: أعن رسول الله ÷؟ كان يقول: كل حديث أبي هريرة عن النبي ÷(١).
  فلما اعتقد أن كلما يقوله أبو هريرة فهو عن النبي ÷ وقد علم أن أبا هريرة كان يجوز أن يقول شيئاً برأيه، أو لأنه أخذ عن بعض الصحابة الذين كانوا أعلى طبقةً منه واعتقد فيه ابن سيرين ما اعتقد أوجب ذلك ضعف حديثه لهذه التهمة، وقد ذكرت شيئاً من هذا في شرح التجريد في مسألة ولوغ الهِرّ. فإذا وجب ضعف ما يرويه ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي ÷ لهذه التهمة إن صحّ عليه ما روي فيه عنه، كان الأولى أن تسقط أخبار الإمامية للوجه الذي بيّناه، على أن ما روي في هذا الباب عن ابن سيرين إنما هو خبر واحد غير مشهور ولا مستفيض، وما حكيناه عن الإمامية هو مشهور من اعتقادهم ومذهبهم؛ لذلك وجب سقوط أخبارهم.
  وقد حكي عن كثير من العلماء أنهم أجازوا [قبول] شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية لما اشتهر عنهم أنهم يستجيزون أن يشهد بعضهم لبعض ثقةً لقول المشهود له إذا كان من إخوانهم، فصارت هذه الشبهة مسقطة لشهادتهم عند العلماء، فكذلك عندنا أخبار الإمامية يجب سقوطها للتهمة التي ذكرناها. انتهى.
  كتب: محمد حسن العجري عفا الله عنه بتاريخ شهر محرم ١٤١٠ هـ.
(١) في الأصل: #.