الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

خاتمة لكتاب الصيام

صفحة 226 - الجزء 2

  يا أبا قيس طليحاً»، فأخبره بما كان من خبره، فسكت ÷ عنه.

  وكان عمر بن الخطاب في رجال من أصحابه قد أصابوا نسائهم في شهر رمضان، فخافوا أن يذكر أمر أبي قيس في شيء من القرآن فيذكروا معه، فقام عمر في أولئك الناس فقالوا: استغفر لنا يا رسول الله؛ فإنا قد واقعنا النساء، فقال رسول الله ÷ لعمر: «ما كنت جديراً بذلك يا عمر»، فأنزل الله في أبي قيس، وعمر، وأصحابه ما أنزل، ونسخ أمر الصيام الأول فقال جل جلاله، وعظم عن كل شأن شأنه: {أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ}⁣[البقرة: ١٨٧].

  فأطلق لهم سبحانه الأكل والشرب في الليل كله قبل النوم وبعده، حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

  والخيط الأبيض: فهو عمود الصبح ونوره، والخيط الأسود: فهو الليل وظلمته.

  يقول: كلوا واشربوا حتى يخرج الليل وإظلامه، ويدخل النهار وإسفاره.

  ومعنى دخوله هاهنا: فهو قربه وغشيانه، ودنوه وإتيانه، فللناس أن يأكلوا ويشربوا حتى يخافوا هجوم الصباح، فإذا قرب دنو الصباح وجب عليهم أن يكفوا، وعن المأكول والمشروب يمتنعوا، وأجاز لهم سبحانه غشيان نسائهم متى أحبوا من ليلهم، حتى يخافوا هجوم صبحهم، فإذا خافوا ذلك اعتزلوهن، وكفوا عن مجامعتهن وإتيانهن. انتهى.