باب القول في الهبة والصدقة
  · الهادي # في الأحكام: قال يحيى بن الحسين ~: والهبة عندنا جائزة، وكذلك الصدقة وإن لم تقبض إذا حددت، وفهمت، وعرفت، وأشهد عليها، لا اختلاف عند علماء آل رسول الله ÷ في ذلك، وذلك قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #.
  قال: - يعني: يحيى بن الحسين ~ -: وتحديدها أن يقول: قد وهبت لك داري التي في موضع كذا وكذا، حدودها كذا وكذا، وكذلك القول في الصدقة.
  · وفي الأحكام أيضاً: قال يحيى بن الحسين ~: ولا يجوز للمسلم أن يهب لبعض ولده شيئاً دون سائر ولده، إلا أن يكون الموهوب له أبذل ولد الواهب لماله لوالده، وأكثرهم منافع له، وبراً به، فتكون هبته له دونهم مكافأة له على فعله، وبذله لوالده ماله؛ لأن الله يقول: {هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ ٦٠}[الرحمن]، فأما إذا استووا في الطاعة والبذل فلا تجوز الأثرة لبعضهم على بعض.
  وعلى ذلك يخرج عندي الحديث الذي روي عن رسول الله ÷ في النعمان(١) بن بشير في ابن له أتى به [إلى](٢) رسول الله ÷، فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله ÷: «أكل ولدك نحلته مثل هذا؟» فقال: لا، فقال رسول الله ÷: «فارتجعه». انتهى.
  · وفي الجامع الكافي: قال القاسم # - فيما روى داود عنه -: يكره للرجل أن يعطي بعض ولده شيئاً في حياته دون الآخرين، وقد جاء عن النبي ÷ أنه نهى بشيراً عن ذلك، وإن فعل ذلك، وأشهد على ذلك صح الأمر فيه، وجاز عليه ما فعل.
(١) حديث النعمان بن بشير الذي أشار إليه الهادي #، أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد في مسنده، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. (مؤلف).
(٢) زيادة من الأحكام المطبوع.