الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في حد القاذف

صفحة 107 - الجزء 3

  · الهادي # في الأحكام: قال يحيى بن الحسين ~: قال الله سبحانه: {وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ثُمَّ لَمۡ يَأۡتُواْ بِأَرۡبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجۡلِدُوهُمۡ ثَمَٰنِينَ جَلۡدَةٗ}⁣[النور: ٤]، ومعنى ذلك: أنه حكم على من قذف مسلمة حرة أو حراً مسلماً بالزنا، ثم لم يأت على ذلك بأربعة شهداء - ضَرْبَ ثمانين جلدة كما أمر الله، وكان كاذباً عند الله من الفاسقين، ولم تقبل له شهادة أبداً إلا أن يتوب من فسقه وينيب، ويرجع إلى الله فيكون عنده من المقبولين، إذا كان عنده في التوبة من المخلصين، كما قال الله جل جلاله عن أن يحويه قول أو يناله: {وَلَا تَقۡبَلُواْ لَهُمۡ شَهَٰدَةً أَبَدٗاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٤ إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٥}⁣[النور].

  وقال سبحانه فيما كان يفعله أهل الجاهلية من إكراههم إمائهم على الزنا ليستنجبوا أولادهن: {وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا لِّتَبۡتَغُواْ عَرَضَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَمَن يُكۡرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعۡدِ إِكۡرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٣}⁣[النور].

  فنهاهم عن حملهن على الزنا لما يطلبون من أجعالهن، واستنجاب أولادهن، ثم أخبر أنه من بعد إكراههن لمن أُكره منهن وأخيفت⁣(⁣١) على نفسها إن لم تفعل ما يأمرها به سيدها - غفور رحيم، فأخبر الله أنه غير معاقب لها على ما لم تفعله بطوعها، وأتته بالكره منها، والخوف على نفسها، ثم وعدها أنه يغفر ذلك لها، ومن العقوبة فيه يرحمها؛ إذا كانت مكرهة على فعلها، فقال: {وَمَن يُكۡرِههُّنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِنۢ بَعۡدِ إِكۡرَٰهِهِنَّ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٣}⁣[النور]، فوجبت المغفرة للمكرهات من الفتيات المؤمنات، وهذه الآية نزلت في أمة مسلمة كانت لعبدالله بن أُبي بن سلول، فأمرها أن تأتي رجلاً ليفسق بها فيستنجب به ولدها، فأبت، وأتت النبي ÷ فأخبرته فأعتقها وزوجها. انتهى.


(١) في الأصل: وخيفت. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.