باب القول في حد من شرب الخمر
  جلدناه في الخمر فمات، وليس ذلك الحد بأمر من الله، ولكنه رأي ارتآه عشرة من الصحابة، (فمات)(١)، فمن مات في رأي أرتأيناه وَدَيْنَاهُ من بيت مال المسلمين)، فقال ابن الكوى: فما الذي دعاكم إلى أن تروا رأياً ليس في كتاب الله تجنون به على أموال المسلمين الجنايات. ثم زعم أهل هذا الحديث: أن أمير المؤمنين # ترك الحد في الخمر من بعد ذلك اجتراءاً على الله، وكذباً عليه وعلى رسوله، وعلى أمير المؤمنين، وهذا الحديث باطل محال كذب فاحش من المقال، لا يقبله عاقلان، ولا يصدق به مؤمنان.
  والذي أوجب الأدب في الخمر، وأثبت الحد فيها فرسول الله ÷ هو الذي جعل ثمانين جلدة أدباً فيها واجباً، وحكم بها على شاربها حكماً لازماً.
  فأما ما يروى عن أمير المؤمنين # في ذلك من أنه قال: (أوجبنا على شاربها جلد ثمانين؛ لأنا وجدناه إذا شربها انتشى، وإذا انتشى هذى، وإذا هذى افترى) فقد يمكن أن يكون ذلك القول قولاً نقله عن الرسول ÷؛ لأن أمير المؤمنين # لم يذكر ذلك عن نفسه.
  والدليل على أن ذلك من رسول الله ÷ قاله، ما قد روي عنه مما لا اختلاف فيه عند أهل العلم والروايات، من أنه ÷ أتي بشارب خمر فجلده ثمانين، ثم قال: «إن عاد فاقتلوه»، قال: فعاد، فانتظرنا أن يأمرنا بقتله، فأمر بجلده ثانية، فجلده، فكيف تقولون؟ أو تروون عن أمير المؤمنين # أنه قال: إن حد شارب الخمر رأي ارتآه هو وغيره من الصحابة؟ وقد فعله رسول الله ÷ وأوجبه، وحكم به، وهو ÷ الأسوة والقدوة. انتهى.
  · الجامع الكافي: قال القاسم - فيما حدثنا علي، عن ابن هارون، عن ابن سهل، عن عثمان، عن القومسي، عن القاسم - قال: أخبرني رجل ثقة، عن
(١) ما بين القوسين ساقط من الأحكام المطبوع.