الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في أعلم الأمة وأقضاها بعد الرسول ÷

صفحة 359 - الجزء 3

  رسول الله ÷: «إذا كنتم وإياهم في طريق فألجئوهم إلى مضائقه، وصغروا بهم كما صغر الله بهم من غير أن تظلموهم»، ثم قال: (يا شريح، إن هذه درعي لم أبع ولم أهب)، فقال شريح للنصراني: ما تقول فيما قال أمير المؤمنين؟ فقال النصراني: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين بكاذب قال: فالتفت شريح إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، هل من بينة؟ قال⁣(⁣١): فضحك علي #، وقال: (أصاب شريح، ما لي من بينة) فقضى بالدرع للنصراني، قال: فقام النصراني، فمشى هنيهة⁣(⁣٢)، ثم رجع، ثم قال: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يمشي إلى قاضيه يقضي عليه؛ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الدرع - والله - درعك يا أمير المؤمنين، اتبعت الجيش وأنت منطلق إلى صفين، فجررتها من بعيرك الأورق، قال: أمير المؤمنين: (أما إذا أسلمت فهي لك)، وحمله على فرس، وقاتل مع أمير المؤمنين يوم النهروان.

  قال يحيى بن الحسين ~: رحم الله علياً أمير المؤمنين، فقد جهل الحق مَنْ جهل فضله، وجار عن القصد من جار عن قصد حقه، فكيف بمن جار عن حقه، وهو يسمع قول الله سبحانه حين يقول فيه رضوان الله عليه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥}⁣[المائدة].

  فجعل سبحانه الولاية لله ولرسوله، وللمؤتي من المؤمنين الزكاة وهو راكع، فكان ذلك أمير المؤمنين دون غيره من سائر المسلمين، لا ينازعه فيه منازع، ولا يدفعه عنه دافع، بحكم الله له بذلك، وقوله فيه ما قال من ذلك وغيره من قوله: {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ١١}⁣[الواقعة]، وكان السابق إلى ربه غير مسبوق.


(١) في الأصل: فقال. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.

(٢) وفيه: «أنه أقام هُنَيَّة» أي: قليلاً من الزمان، وهو تصغير: هَنَة، ويقال: هُنَيْهَة. (نهاية).