باب القول في الإمام الذي تجب طاعته
  فريضة من فرائضه، ومعصيتهم مقرونة بمعصيته، ثم أخلصهم بالتطهير، فاختصهم بالتخيير، وقدمهم في النعمة، وفضلهم للتكرمة، واصطفاهم بالأمانة، التي هي أعظم الدرجات بعد النبوة، وفرض عليهم القيام بالكتاب والسنة، وفرض لهم على العباد حقوقاً اختصهم بها، وجعل هذه الحقوق موصلة(١) بحقه، مطوقة على جميع خلقه، ثم ضاعف لهم الثواب، وضاعف عليهم العقاب، بقدر ما وُلوا وما وَلوا من أمر العباد، فعظمت الخطوب في تضاعف الحساب والذنوب، وذلك [أن](٢) المخصوص بالنعمة، المقدم بالتكرمة، متظاهرة عليه الحجة، وإن كانت(٣) لكل واحد لازمة.
  وليس للإمام أن ينتقص الرعية حقها، ولا للرعية أن تنتقص حق إمامها، فإن خالف كتاب الله وسنة رسوله ÷ ولم يعدل بينهم، وبسط عليهم بالجبرية والنكير(٤) عليهم، فمنعهم حقوقهم، واستأثر عليهم بفيئهم، وأظهر الفساد والمنكر - فلا طاعة له عليهم في معصية خالقهم، وحرمت عليه إمامتهم وولايتهم، وحرمت عليهم طاعته ومعاونته، وكان حق الله عليهم مجاهدته حتى يفيء إلى الله، أو يعتزل ولاية أمره، فإنه لا ولاية لمن لم يحكم بما أنزل الله؛ لقول الله ø: {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٤٥}[المائدة]، {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٤٧}[المائدة]، {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٤٤}[المائدة]، ولا يحلّ للمؤمنين الإقرار بحكم الكافرين، ولا الظالمين ولا الفاسقين، ولا الرضا به،
(١) في الجامع الكافي المطبوع: موصولة.
(٢) زيادة من الجامع الكافي.
(٣) في الأصل: كان. وما أثبتناه من الجامع الكافي.
(٤) في الجامع الكافي المطبوع: التكبر.