باب القول فيما يلزم الإمام لرعيته وما يلزمهم له
  والرأفة والرحمة لها، كالأب الرؤوف الرحيم بولده، المتعطف عليهم بجهده، الكالي لهم بعينه ونفسه، يجنبهم المراتع الوبيئة، ويوردهم المناهل الروية العذبة، فإن الله سبحانه حمد ذلك من أخلاق نبيه ÷ فقال جل وعز: {لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ١٢٨}[التوبة]، فإذا فعل ذلك الوالي برعيته كان حقاً على الرعية كرامته، وتعظيمه، وإجلاله، وتبجيله، وبره، وتفضيله ومكانفته ومعاونته، وطاعته، ومؤازرته، والاستقامة له ما استقام على كتاب الله وسنة نبيه، فإن خالف ذلك إلى غيره من التسلط بالجبرية والتكبر عليهم فمنعهم حقهم، واستأثر عليهم بفيئهم، فلا طاعة له عليهم في معصية خالقهم، وحرمت عليه إمامتهم وولايتهم، وحرمت عليهم طاعته ومعاونته، وكان حق الله عليهم مجاهدته حتى يفيء إلى أمر الله، أو يعتزل ولاية أمره، فإنه لا ولاية لمن لم يحكم بما أنزل الله. انتهى.
  · الهادي # في الأحكام: قال يحيى بن الحسين ~: يجب لله على الإمام أن يقوم بأمره(١)، ويأمر به، وينهى عن نهيه، ويقيم حدوده، على كل من وجبت عليه من شريف أو دني، قريب الرحم أو بعيدها، وأن يأخذ أموال الله من كل من وجبت عليه، ويسلمها إلى من أمر الله بتسليمها إليه، ويشتد غضبه على كل من عصى الرحمن، ولو كان أباه أو أخاه أو عمه، أو ابنه، لا يحيف، ولا يحابي، ولا يقصر في أمر الله، ولا ينثني، مبعداً للعاصين شديداً عليهم، مقرباً للمؤمنين، سهلاً لديهم، شديداً على المنافق، قريباً من الموافق، كما قال الله ø في محمد ÷ وأصحابه حين يقول: {مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ
(١) أي بأمر الله. (من هامش الأصل).