باب القول في الاستعانة بالمخالفين على الظلمة الفاسقين
  فاسقين، كما فرض عليهم [غير] ذلك من الصلاة وغيرها من الفرائض، وفيما فرض الله عليهم من فرائضه - وإن فسقوا - أدل دليل على جواز الاستعانة بهم، وكيف لا يستعان بالفاسقين على الباغين، والمعاونة واجبة من الله تعالى على الفاسقين فيهم، لا يحلّ لمؤمن ولا فاسق تعطيلها، ولا تركها، فقيل له: فكيف بما لا يُؤْمَنون عليه من الظلم؟ فقال: إن صاروا من ذلك إلى شيء حكم عليهم فيه بما يلزمهم من الحكم، ولو حرمت الاستعانة بهم من أجل ما يخافون عليه من ذلك في الباغين لحرمت الاستعانة بهم على قتال المشركين؛ لأنه قد يخاف في ذلك من فجورهم وغشمهم ما يخاف على الباغين مثله سواء، وقد استنفر الله في سبيله المنافقين، وذمهم في كتابه على التخلّف عن نبيه وعن المؤمنين، وقاتل بهم رسول الله المشركين، والمنافق أحقّ وأولى أن يُخاف ويُتَّقى من مُوَحِّد، وإن فسق وتعدى، ولو حرمت على المؤمنين معاونتهم للزم المؤمنين طردهم ومحاربتهم، حتى لو كان في معاونتهم لهم اجتياح جميع الظالمين، وفي تركهم إياهم هلاك جميع المسلمين، لما حلت للمؤمنين منهم معاونة ولا مناصرة ما داموا فاسقين، ويحق على الفاسقين أن لا تكون منهم إجابة ولا مظاهرة للمؤمنين. انتهى.