الباب الأول في ذكر بعض مناقب الإمام علي بن أبي طالب # وفضائله
  أبي طالب فأقامه، وأبان ولايته على كل مسلم، فرفع يده حتى رأى الناس بياض آباطهما(١)، وذلك في آخر عمره حين رجع من حجة الوداع متوجهاً إلى المدينة، ونادى: «الصلاة جامعة»، ولم يقل الصلاة جامعة في شيء من الفرائض إلا يوم غدير خم.
  ثم قال: «أيها الناس، ألست أولى بكم من أنفسكم؟» يعيد ذلك ثلاثاً، يؤكد عليهم الطاعة، ويزيدهم في شرح البيان، قالوا: بلى، قال: «من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله».
  فأوجب له رسول الله ÷ من الطاعة عليهم ما أوجب لنفسه، وجعل عدوه عدوه، ووليه وليه، وجعله علماً لولاية الله، يعرف به أولياء الله من أعدائه.
  فوجب لعلي على الناس ما وجب لرسوله ÷ من الولاية والنصر(٢)، فمن تولاه وأطاعه فهو لله ولي، ومن عاداه فهو لله عدو، ومن عصاه وخالفه، ووضع من عظيم حقه ما رفع الله فقد عصى الله ورسوله.
  ثم أنزل الله في علي #: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَٰكِعُونَ ٥٥}[المائدة].
  فدل النبي ÷ [على علي] بصفته، فوجب على أهل الإسلام معرفة علي وولايته، وطاعته بإمامته، وأن يكون متبوعاً غير تابع، بالأخبار المشهورة عن
(١) في زيادات الجامع الكافي المطبوع: إبطيهما.
(٢) في الأصل: النص. والمثبت من زيادات الجامع الكافي المطبوع.