باب صلاة الخوف وصفتها
  والمطاردة كيف هي؟ فقال: قال الله ø: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ ...}[النساء: ١٠٢]، الآية يقول الله ø: وإذا كنت فيهم في سفر وخوف فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك، فإذا فرغوا من صلاتهم وسلموا، فلتأت الطائفة الأخرى الذين لم يصلوا فليصلوا معك، وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم كلهم، من كان صلى معك، ومن لم يصل منهم، ولا يقال للطائفة الأخرى: لم يصلوا إلا والطائفة الأولى قد صلوا.
  وصفة صلاة الخوف: أن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعة واحدة، ثم يقومون فيتمون الركعة الثانية - يعني: لأنفسهم - ثم يسلمون، والطائفة المواقفة للعدو في سلاحهم ليس لهم شغل سوى المواقفة، والحراسة لأنفسهم ولإخوانهم من عدوهم بالمصافة، فإذا رجع إليهم من صلى منهم وقفوا للعدو موقفهم، ولم يزالوا حتى يتم إخوانهم من الصلاة ما أتموا، وسلموا(١) من صلاتهم كما سلموا، فتكون كل طائفة قد أخذت من الصلاة مع الإمام، ومن الحراسة لأنفسهم ولإخوانهم كالذي أخذت من ذلك الطائفة الأخرى، فهذا أحسن الوصف من صلاة الخوف.
  وكذلك صلى رسول الله ÷ فيما صح عندنا، بلغنا ذلك عنه في غزوة(٢) ذات الرقاع. انتهى.
  · القاضي زيد في الشرح: لا خلاف في الجملة أن الصلاة التي تقام على عهد رسول الله ÷ في حال الخوف كانت مخالفة لصلاة الأمن، والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ إِنۡ خِفۡتُمۡ أَن يَفۡتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْۚ}[النساء: ١٠١]، وقوله: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ}[النساء: ١٠١] الآية، ولا
(١) في الجامع الكافي: ويسلموا.
(٢) وهي عند الأكثر في جمادى سنة أربع من الهجرة. (من هامش الأصل).