باب القول في الوصية عند حضور الموت
  يحجب عنه زحمة الناس، ونساء النبي ÷ في ناحية البيت يبكين، فقال: «اعزبن عني يا صويحبات يوسف».
  فلما رجع بلال ولم يقم رسول الله ÷، بعثته عائشة بنت أبي بكر فقالت: يا بلال، مر أبا بكر فليصل بالناس، ووجد رسول الله ÷ خفة، فقام فتمسح وتوضأ وخرج، وخرج معه علي والفضل بن العباس، وقد أقيمت الصلاة، وتقدم أبو بكر ليصلي، وكان جبريل # الذي أمره بالخروج ليصلي بهم، وعلم ما يقع من الفتنة إن صلى بهم أبو بكر، وخرج رسول الله ÷ يمشي بين علي والفضل، وقدماه تخطان بالأرض، حتى دخل المسجد، فلما رآه أبو بكر تأخر، وتقدم رسول الله ÷ وصلى بالناس.
  فلما سلّم أمر علياً والفضل، وقال: «ضعاني على المنبر» فوضعاه على منبره فسكت ساعة، ثم قال: «يا أمة أحمد، إن وصيتي فيكم الثقلان، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، اعتصموا بهما تردوا على نبيكم حوضه، ألا ليذادن عنه رجال منكم فأقول: سحقاً سحقاً».
  ثم أمر علياً والفضل أن يدخلاه منزله، وأمر بباب الحجرة ففتح ودخل الناس عليه، فقال: «إن الله لعن الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
  ثم قال: «ائتوني بداوة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً».
  فقال عمر بن الخطاب: إن رسول الله ليهجر، كتاباً غير كتاب الله يريد؟!.
  فسمع رسول الله ÷ بهذا القول فغضب.
  ثم قال لهم: «اخرجوا عني، وأستودعكم كتاب الله وأهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، وأنفذوا جيش أسامة، لا يتخلف عن بعثه إلا عاص لله ولرسوله»، ثم جعل يقول: «اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم».
  وخرج الناس، وأغلق الباب الذي كان على الحجرة.
  فلما طلعت الشمس وانبسطت ثقل رسول الله ÷ ورأسه في حجر علي