باب القول في الوصية عند حضور الموت
  خالفهما هلك وهوى»، فقال عمر بن الخطاب: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: «أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله طرف منه بيد الله، وطرف بأيديكم، وعترتي أهل بيتي، فتمسكوا بهما لا تضلوا، ولا تذلوا أبداً، فإن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وإني سألت الله ذلك لهم فأعطانيه، ألا فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتضلوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم بالكتاب، أيها الناس، احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي، وافهموا عني تنتعشوا لئلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإن أنتم فعلتم ذلك - ولتفعلن - لتجدن من يضرب وجوهكم بالسيف».
  ثم التفت عن يمينه، ثم قال: «وعلي بن أبي طالب، ألا وإني قد تركته فيكم، ألا هل بلغت، ألا هل بلغت؟» فقال الناس: نعم، يا رسول الله - صلوات الله عليك -.
  فقال: «اللهم اشهد»، ثم قال: «ألا إنه سيرد عليَّ الحوض منكم رجال فيدفعون عني فأقول: يا رب، أصحابي أصحابي فيقول: يا محمد، إنهم أحدثوا بعدك، وغيروا سنتك، فأقول: سحقاً سحقا».
  ثم قام ودخل منزله، فلبث أياماً يجد الوجع، والناس يأتونه، ويخرج إلى الصلاة، فلما كان آخر ذلك ثقل فأتاه بلال ليؤذنه بالصلاة، وهو ملقي(١) ثوبه على وجهه، وقد تغطى به، فقال: الصلاة يا رسول الله، فكشف الثوب، وقال: «قد أبلغت يا بلال، فمن شاء فليصل»، فخرج بلال، ثم رجع الثانية، والثالثة، وهو يقول: الصلاة يا رسول الله، فقال: «قد أبلغت يا بلال، فمن شاء فليصل»، فخرج بلال، وكان رأس رسول الله ÷ في حجر علي بن أبي طالب #، والفضل بن العباس بين يديه يروحه، وأسامة بن زيد بالباب
(١) ملقٍ. نسخة. (من هامش الأصل).