صفة حج رسول الله ÷ من رواية جابر
  ÷ ولم تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فجاء رسول الله ÷ حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصوى فرحلت، فركب حتى أتى بطن الوادي، فخطب الناس، فقال: «إن دمائكم، وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوع وأول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث - وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل - وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربا العباس بن عبدالمطلب، فإنه موضوع كله، واتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانات الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي، إن اعتصمتم به؛ كتاب الله، وأنتم مسؤولون عنه، فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة فرفعها إلى السماء وبطنها إلى الناس: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» ثلاثا.
  ثم أذن بلال وأقام، فقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما، ثم ركب رسول الله ÷ حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصوى إلى الصخرات، وجعل جبل(١) المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلاً ثم غاب القرص، وأردف أسامة بن زيد خلفه، ودفع رسول الله ÷، قد شنق القصوى بالزمام، حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول - بيده اليمنى -: «أيها الناس السكينة السكينة»،
(١) في الدرر: حبل المشاة.