الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في حد الزاني

صفحة 95 - الجزء 3

  · وفي الأحكام أيضاً: قال يحيى بن الحسين ~: ولم يزل الرجم منذ⁣(⁣١) زمان موسى رسول الله صلى الله عليه، وقبله حتى ابتعث الله نبيئه، فأمره جبريل به كما أمره بغيره مما جاء به النبي ÷ عن ربه من الفروع التي ذكر أصلها في الكتاب المبين، ومن الدليل على أن الرجم حكم من الله قديم على⁣(⁣٢) المحصنين ما أخبر الله به نبيئه عن اليهود وتبديلها له، وطرحها إياه من التوراة، وتحريفها لحكم الله، وذلك قوله سبحانه: {وَمِنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْۛ سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِينَ لَمۡ يَأۡتُوكَۖ يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ}⁣[المائدة: ٤١]، يريد: يحرفون ما في التوراة من حكم الرجم.

  وهذه الآية نزلت فيما كان من أمر بسرة اليهودية، وذلك أن الله ø أنزل على موسى بن عمران الرجم في الزاني المحصن، فغيرت ذلك اليهود فجعلوه الجلد: أن يجلد أربعين جلدة بحبل مقيّر، ويسودون وجهه، ويحملونه على حمار، ويجعلون وجهه إلى ذَنَبِ الحمار، فلم يزالوا على ذلك حتى هاجر النبي ÷ إلى المدينة، فزنت امرأة من اليهود يقال لها بسرة برجل من اليهود، فأراد اليهود جلدها⁣(⁣٣)، ثم خافوا من النبي ÷ أن يفضحهم لما غيروا من علم التوراة، فقال الأحبار للسفلة منهم: انطلقوا إلى محمد فاسألوه عن حد الزاني، فإن قال: اجلدوا، فاقبلوا ذلك منه، وإن أمركم بالرجم له فأنكروا ذلك ولا تقبلوه، ولا تقروا به، فأتوا النبي ÷ فسألوه فقال: «الرجم إن كان محصناً»، فقالوا: إن موسى أمر أن يجلد إن كان محصناً، فقال لهم النبي ÷: «كذبتم، بل أمركم بالرجم، ورجم» فقالوا: كلا، فقال: «اجعلوا بيني وبينكم حكماً»،


(١) في الأصل: في زمان. والمثبت من الأحكام المطبوع.

(٢) في الأصل: عن. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.

(٣) في الأصل: جلده. وما أثبتناه من الأحكام المطبوع.