باب القول في وصية الهادي # ومن أحب أن يوصي بمثل وصيته
  وحده لا شريك له، وبطاعته والاجتهاد له، في السراء والضراء، والخوف منه، والمراقبة له، فإنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والأمر بالمعروف الأكبر، والنهي عن التظالم والمنكر، والإرصاد لأمر الله، فمن علم أنه مستحق للقيام بأمر الله، مستأهل له، فيه الشروط التي يجب له بها القيام والإمامة من الدين والورع، والعلم بما أحل الكتاب، وما حرم من الأسباب، والحلم والشجاعة، والسخاء، والرأفة بالرعية، والرحمة لهم، والتحنن عليهم، والتفقد لأمورهم، وترك الاستئثار عليهم، وأداء ما جعل الله لهم إليهم، وأخذ ما أمر الله بأخذه من أيديهم على حقه، وصرفه في وجوهه، وإقامة أحكامه وحدوده، والثقة بنفسه على عباد ربه، فليقم لله بفرضه، وليدع الناس إلى نفسه، وجهاد أعدائه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يني ولا يفتر، ولا يكل ولا يقصر، فإن ذلك فرض من الله عليه لا يسعه تركه، ولا يجوز له رفضه، واجب عليه في الخوف والأمن، والرخاء والشدة، والمحنة والبلاء، ومن لم يثق بنفسه، ولم يكن كاملاً في كل أمره، فليتق الله ربه، ولا يدخل في شيء من هذا، فإنه ليس ذلك(١) له، وليرصد لأعداء الله، وليعد سلاحه، وما قدر على إعداده، ولينتظر أن يقوم لله حجة من أهل بيت نبيه، من فيه هذه الشروط فينهض معه، ويبذل نفسه وماله، فإن ذلك أقرب ما يتقرب به المتقربون إلى الرحمن، ويطلب به الفرار من النيران، ومن مات من المؤمنين منتظراً لذلك مات شهيداً، مقرباً فائزاً، عند الله مكرماً.
  ثم يسأل يحيى بن الحسين ويطلب من والده وولده، وولد ولده إلى يوم القيامة، وإخوته، وأخواته، وعمومته، وبني أعمامه، وكل أقربائه، ومواليه، وشيعته، وأهل مودته، وكل من أحب أن يبره ببر، أو يتقرب إلى الله له بصلة، في
(١) في الأحكام المطبوع: فإنه ليس له ذلك.