الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

باب القول في المعدن الذي تجوز فيه الإمامة

صفحة 379 - الجزء 3

  فلما نزلت هذه الآية جعل رسول الله ÷ الكساء عليه، وعلى علي، وفاطمة، والحسن والحسين، ثم قال: «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً»، وفرض مودتهما على كل مسلم، ومودة علي وذريتهما، وجعل لهما الخمس فريضة في كتاب الله.

  فلهما آية الصفوة قوله: {ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ}⁣[فاطر: ٣٢]، وآية التطهير، وآية المباهلة، وآية الخمس، وآية الفيء، وآية المودة.

  فدل عليهما بالدلالة التي أبان فضلهما، وعظم منزلتهما، وقال الله سبحانه: {فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ}⁣[الروم: ٣٨]، فدل عليهما بأعيانهما وأسمائهما، وأنسابهما، وأفعالهما، فإمامتهما واحدة، وحقهما واجب، وهما إمامان في وقت واحد، إن قاما فلهما، وإن قعدا فلهما، درجتهما في الجنة واحدة، ومنزلتهما في الجنة واحدة، إلا أن الحسن يتقدم الحسين بالسن؛ لقول النبي ÷: «يؤمكم أقرؤكم لكتاب الله وأقدمكم هجرة وأعلاكم سناً».

  وقال لأبيهما ولهما ولمن تمسك بالكتاب من ذريتهما: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي».

  فهما أبوا⁣(⁣١) العترة الطاهرة، وسيداها، والموضع الذي أخبر رسول الله ÷ أن في التمسك بهما الهدى، فلا يحل لمسلم أن يتقدمهما، ولا يطلب الهدى في غيرهما، ولا في [غير] أولادهما المتمسكين بالكتاب، ودلالته على أولادهما أن يتمسك العباد بهما، وبالمتمسكين بالكتاب من ذريتهما، فمن تمسك بالكتاب وبهم لم يضل أبداً.

  ثم أخبرنا النبي ÷ كيف الإمامة بعد هؤلاء المسميين بأعيانهم - يعني: بعد علي، والحسن، والحسين -، فقال: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي


(١) في الأصل: أبو العترة. والمثبت من زيادات الجامع الكافي المطبوع.