الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

الباب الأول في ذكر بعض مناقب الإمام علي بن أبي طالب # وفضائله

صفحة 66 - الجزء 4

  لم يسمعه غيرك؟ قالت: يا ابن عباس، أما ما سمعتُ من رسول الله ÷ فهو أكثر مما أقدر أن أخبرك به، ولكني أخبرك من ذلك بما يكفيك ويشفيك؟ سمعته يقول في علي قبل موته بجمعة، فإن زاد على جمعة فلن يزيد على عشرة أيام، وهو يقول في بيتي قبل أن يتحرك إلى بيت عائشة، وقبل أن يقطع الطواف على نسائه، فدخل علي بن أبي طالب فسلم خفياً؛ توقيراً لرسول الله ÷، ورد عليه معلنا كالمسرور بأخيه المحب له، ثم قبض على يده فقال: «يا عليُّ»، قال: (نعم يا رسول الله)، قال: «يا علي، أنت أخي في الدنيا والآخرة»، وبكى علي، ولم يرفع بصره؛ تعظيماً لرسول الله ÷ قالت أم سلمة: فقلت: يا رسول الله، إلى من تكلنا؟ وإلى من تفضي⁣(⁣١) بأمرنا؟ قال: «أكلكم إلى العزيز الغفار، كما دعوتكم إليه، وأوصي بكم إلى هذا، يا أم سلمة هذا هو الوصي على الأموات من أهل بيتي والخليفة على الأحياء في الدنيا، وهو قريني في الجنة كما هو أخي في الدنيا، وهو معي في الدرجة العليا، اسمعي يا أم سلمة قولي، واحفظي وصيتي واشهدي، وأبلغي: هذا أخي في الدنيا والآخرة، سيط لحمه بلحمي، ودمه بدمي، مني ابنتي فاطمة، ومنه ومنها ولداي الحسن والحسين، وعلي أخي، وابن عمي، ورفيقي في الجنة، وهو مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، يا أم سلمة علي سيد كل مسلم؛ إذ كان أولهم إسلاماً، وولي كل مؤمن؛ إذ كان أسبقهم إلى الإيمان، يا أم سلمة عليٌّ معدن كل علم؛ إذ لم يتلوث بالشرك منذ


(١) في المناقب المطبوع: توصي.