الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

الباب الأول في ذكر بعض مناقب الإمام علي بن أبي طالب # وفضائله

صفحة 83 - الجزء 4

  وقد سمى الله علياً من نفس رسوله فقال: {فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ ٦١}⁣[آل عمران]، وذلك حين باهل النصارى، فأحضر علياً وزوجته وابنيه، فأخبر الله في كتابه أنه من نفس رسول الله، وأن ابنيه أبناء رسول الله، وأن زوجته بنت رسول الله نساؤه، فضلها الله على نساء العالمين.

  وكان حيز رسول الله حيز الصادقين⁣(⁣١)، فأمر الله العباد أن يكونوا مع الصادقين فقال: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة]، ثم استخلفه بمكة حين عزمت قريش على أن يبيتوه أو يقتلوه أو يخرجوه فخلفه واضطجع على فراشه ووقاه بادرة الحتوف بنفسه، وكان يأتيه بالطعام ليلاً، وأمره أن يؤدي عنه الأمانات التي كانت على يده، والودائع التي كانت عنده لما صار إلى الغار، وأن يخرج إليه أهله، فنفذ أمره وخرج يمشي مع أهله إلى المدينة مهاجراً على قدميه حتى تفطرت قدماه دماً.

  ثم قدم النبي ÷ المدينة فبنى المسجد وبنا فيه لنفسه بيتاً، وبنا لعلي بيتاً إلى جانب بيته، وأذن له في سكناه، وحرم على جميع العمومة والأقربين والمهاجرين والأنصار أن يبنوا في مسجده؛ رفعة منه له، وإبانةً منه لفضله ورفعاً لقدره، فتكلم في ذلك العمومة وبعض المهاجرين [والأنصار] فقال: «ما أنا أخرجتكم وأدخلته، ولكن الله أمرني أن أدخله وأخرجكم».

  كل ذلك يبين [الله] منزلته؛ لئلا يشك أحد في مكانه من رسول الله وعظم منزلته.


(١) في المطبوع: وكان خبر رسول الله خبر الصادقين.