الصحيح المختار من علوم العترة الأطهار،

محمد الحسن العجري (المتوفى: 1430 هـ)

تفسير آيات قرآنية

صفحة 120 - الجزء 2

  في الثناء على الأنصار، وذكرهم بما فعلوا مما رضيه من عباده المؤمنين الأبرار، ومواساتهم لإخوانهم من المهاجرين، حين علموا أنهم إلى مواساتهم محتاجون: {وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ}⁣[يعني بالدار: المدينة] {مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ٩ وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ ١٠}⁣[الحشر].

  ولقد ذكر في الخبر، وصح فيما جاء من الأثر: أن الأنصار كانوا بلغوا من مواساة إخوانهم المهاجرين في أموالهم ومالهم من المساكن والديار، أن كانوا يسكنونهم أفضل مساكنهم، وكان يكون للرجل من الأنصار في داره المنزلان والمسكنان فينزل المهاجر في خير المنزلين من داره، وكانوا إذا جاء ثمر ضياعهم وحوائطهم قسم الرجل من الأنصار حائطه الذي فيه تمر نخله قسمين، فأطعم أخاه في الدين من المهاجرين خير النصفين وأجودهما وأطيبهما تمراً، فأثنى الله بذلك في كتابه عليهم، وذكر فعلهم في هذا ورضاه، ومحبته لذلك منهم، فقال: {وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ}⁣[الحشر: ٩]، يخبر سبحانه أنه قد كان يفعل ما يحب الله من أثرتهم لإخوانهم في الدين من المهاجرين من به خصاصة، والخصاصة: الفقر والحاجة من الأنصار الكرام المتكرمين.

  فكونوا⁣(⁣١) أرشدكم الله بهذا الخلق مستوصين، وبهذا أمر الله المؤمنين في كتابه الناطق المبين فقال: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّآ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَيَمَّمُواْ ٱلۡخَبِيثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِيهِ إِلَّآ


(١) في الأصل: فكانوا. وما أثبتناه من مجموع الإمام محمد بن القاسم # المطبوع.