باب القول في الإفاضة إلى مزدلفة وجمع العشاءين فيها والمرور بالمشعر الحرام
  تقدم، ثم قف(١) فاصنع ذلك حتى تجب الشمس، فإذا وجبت فأفض على بركة الله، وتودع في السير، واترك الوجيف الذي يصنعه كثير من الناس بالحبال، والحبال أودية، ويقال: هي الجوادّ، فإن رسول الله ÷ كان يكف رأس ناقته حتى يبلغ رأسها الرحل، ويقول للناس: «عليكم بالدعة بسنته السنة تتبع».
  وإن قدرت أن تنزل حتى تأتي أول الحبال عند الشجرات، في ميسرة الطريق فتمكث(٢) ساعة، حتى يخف عنك كثير من الناس فافعل، ولا تصل المغرب حتى تأتي جمعاً، فإذا أتيتها فصل المغرب والعشاء، بأذان واحد وإقامتين، وانزل بجمع بطن الوادي عن يمين الطريق، قريباً من المشعر، ولا تجاوز الجبل ليلة المزدلفة(٣)، فإني أكره لك ذلك، والمزدلفة جمع، وأصبح على طهر بعدما تصلي الفجر، وقف حتى تطلع الشمس ويشرق لك الجبل، والجبل: هو ثبير.
  قال أبو جعفر: ليس الناس على هذا، الناس على الإفاضة قبل طلوع الشمس؛ لأن النبي ÷ أفاض قبل طلوع الشمس [وبه نأخذ]. انتهى.
  · الهادي # في الأحكام: فإذا توارت الشمس عنه بالحجاب، فليفض من عرفة ملبياً مقبلاً نحو مزدلفة، وعليه السكينة والوقار، والخشوع لله الجبار، وليكثر في طريقه من قراءة القرآن، والاستغفار، والدعاء، والتكبير، والتهليل، والإجلال لله الجليل، وإن حضره شيء فليتصدق منه على من يرى من الضعفة والمساكين، فإن أمكنه أن يكون ذلك اليوم صائماً فليفعل، ولا يصلي المغرب والعتمة حتى يرد مزدلفة، - وهي جمع - فينزل بها، ويحط رحله، ثم يجمع بها بين المغرب والعتمة، وللجمع بها سميت جمعاً.
(١) في الأصل: أقف.
(٢) فتقف. نسخة. (من هامش الأصل).
(٣) مزدلفة. نسخة. (من هامش الأصل).