تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين}

صفحة 496 - الجزء 2

  قوله تعالى: {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}⁣[النساء: ١١٥]

  الآية دلت على أن مشاقة الرسول كبيرة، وقد تبلغ إلى الكفر، ودلت على أن الجهل عذر⁣(⁣١) بقوله: {مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى}، ودلت على أن مخالفة الإجماع كبيرة، وأنه دليل كالكتاب والسنة، لكن إنما يكون كبيرة إذا كان نقله قطعيا لا آحاديا.

  وقد اختلف في نزولها، فقيل: إنها نزلت في شان ابن أبيرق، وردته، وموته على كفره، وقيل: في قوم نزلوا المدينة، ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين.

  قوله تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ}⁣[النساء: ١١٩]

  في هذا دلالة على قبح هاتين الخصلتين؛ لأنه قد قرنهما بما سبق من الخلال القبيحة وهي الضلال والتمنية بأنه يغفر للعاصين من غير توبة، أو بطول الآمال.

  ومعنى قوله: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ} أي: ليقطعن آذان الأنعام، وذلك فعلهم بالبحائر، كانوا يشقون آذانها إذا ولدت خمس أبطن، وجاء الخامس ذكرا، ويحرمون على أنفسهم الانتفاع بها⁣(⁣٢).


(١) يقال هذا قبل التمكن من السؤال، لا بعده فلا عذر.

(٢) والذي في الكشاف مثل هذا، والذي سيأتي في الثمرات في تفسير قوله تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} في سورة المائدة يخالف هذا في بعض وجوهه. فيحقق. (ح / ص).