قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين}
  قوله تعالى: {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥]
  الآية دلت على أن مشاقة الرسول كبيرة، وقد تبلغ إلى الكفر، ودلت على أن الجهل عذر(١) بقوله: {مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى}، ودلت على أن مخالفة الإجماع كبيرة، وأنه دليل كالكتاب والسنة، لكن إنما يكون كبيرة إذا كان نقله قطعيا لا آحاديا.
  وقد اختلف في نزولها، فقيل: إنها نزلت في شان ابن أبيرق، وردته، وموته على كفره، وقيل: في قوم نزلوا المدينة، ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين.
  قوله تعالى: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ}[النساء: ١١٩]
  في هذا دلالة على قبح هاتين الخصلتين؛ لأنه قد قرنهما بما سبق من الخلال القبيحة وهي الضلال والتمنية بأنه يغفر للعاصين من غير توبة، أو بطول الآمال.
  ومعنى قوله: {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ} أي: ليقطعن آذان الأنعام، وذلك فعلهم بالبحائر، كانوا يشقون آذانها إذا ولدت خمس أبطن، وجاء الخامس ذكرا، ويحرمون على أنفسهم الانتفاع بها(٢).
(١) يقال هذا قبل التمكن من السؤال، لا بعده فلا عذر.
(٢) والذي في الكشاف مثل هذا، والذي سيأتي في الثمرات في تفسير قوله تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} في سورة المائدة يخالف هذا في بعض وجوهه. فيحقق. (ح / ص).