وقوله تعالى: {إلا من أمر بصدقة}
  في وفد ثقيف، قالوا للنبي ÷ يقرهم على دينهم سنة، وقيل: في الذين هموا بقتله من المنافقين، ويدل حديث عمر أن هذه العبارة وهي {بِما أَراكَ اللهُ} تختص بالنبي ÷ ويدل على أن من همّ بمعصية كان عاصيا(١) لذلك وجب الاستغفار، ويدل تقييده بالنهي عن الجدال للّذين يختانون أنفسهم على إباحة المجادلة بالحق.
  قوله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً}[النساء: ١١٤]
  قيل: هذا راجع إلى من تقدم من أصحاب طعمة الذين ذبوا عنه، أو من المنافقين، أو من وفد ثقيف، وقيل: يرجع إلى الناس عموما.
  وقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} قيل: أراد بها الصدقة الواجبة، والمعروف التطوع، وقيل: المعروف هو أبواب البر، سمي معروفا لاعتراف العقول بها، وقد دلت الآية على الترغيب بالأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس، وقد أكد الله تعالى الترغيب بقوله: {عَظِيماً} وأن النية فيه شرط لنيل الثواب، لقوله تعالى: {ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ}.
(١) هذا بناء على أن الهم ذنب، وقد قالوا: إن الهم فيما لا يشارك العزم المعزوم لا يكتب حتى يفعل هذا في الشر، وفي الخير يكتب حسنة، فإذا فعلها كتبت عشرا، وقد ذكر شيئ من هذا في قوله: {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ} فيحقق ... وهذا أيضا على رأي بعض المعتزلة، وأما عند الهادي وغيره من أهل البيت فيشارك فيستقيم ما هنا.