تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم}

صفحة 188 - الجزء 2

  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ}⁣[آل عمران: ٩٠]

  النزول

  قيل: نزلت الآية في اليهود، والمعنى: أن الذين كفروا بعيسى # والإنجيل بعد إيمانهم بموسى والتوراة {ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً} بكفرهم بمحمد ÷ والقرآن، أو بعد ما كانوا مؤمنين به قبل مبعثه {ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً} بإصرارهم على ذلك، وشدة طغيانهم، وعداوتهم.

  وقيل: نزلت في الذين ارتدوا ولحقوا بمكة، وازديادهم الكفر بأن قالوا: نقيم بمكة، نتربص بمحمد ريب المنون، وإن أردنا الرجعة نافقنا بإظهار التوبة.

  وقيل: في الكفار؛ لأنهم أقروا بأن الله خالقهم، ثم كفروا، ثم ازدادوا كفرا بإصرارهم.

  إن قال قائل: ظاهر الآية أن توبة المرتد غير مقبولة، فما هو الذي يصرف عن الظاهر؟

  قلنا: الآية المتقدمة، وسائر الآيات الدالة على التوبة، والآثار المعلومة عن رسول الله ÷ في قبول توبة كثير من المرتدين، ولأن قبول التوبة إذا جاءت على وجهها من الواجبات على الله تعالى بالأدلة العقلية، فأوجب ذلك صرفها عن الظاهر، ولها تأويلات:

  الأول: عن أبي العالية: أن المراد لا تقبل توبتهم عن سائر الذنوب مع إقامتهم على الكفر.

  الثاني: عن ابن عباس: أنها وردت في فرقة ارتدت، ثم عزمت على إظهار الإسلام تورية، فأطلع الله تعالى رسوله على سرهم.