تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد}

صفحة 295 - الجزء 1

  الفرع السابع

  دخول سائر المحرمات من الخمر ونحوه في الإباحة عند خشية الهلاك قياسا على الميتة ونحوها، ولقوله تعالى في سورة الأنعام: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام: ١١٩] وقوله تعالى في سورة المائدة: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}⁣[المائدة: ٣].

  واختلف أصحاب الشافعي في جواز شرب الخمر للضرورة، فمنهم من قال: لا يجوز لأنها تزيد في العطش، ومنهم من جوزه، واختلفوا أيضا في التداوي بها، فمنعه أهل المذهب، وقوله تعالى في سورة المائدة: {فَاجْتَنِبُوهُ}⁣[المائدة: ٩٠] المراد لغير الضرورة، ويجوز شربها عند الإكراه بالقتل ونحوه، وكذلك إن غص بلقمة، وخشي الهلاك إن لم يسوغها بالخمر عند عدم الماء، ويدخل في الإباحة لحوم الميت من بني آدم، ذكره أبو طالب، وأصحاب الشافعي⁣(⁣١)؛ لأن حرمة الحي آكد، ومنع ذلك داود.

  قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ}⁣[البقرة: ١٧٤ - ١٧٦]


(١) في نسخة (ذكره أبو طالب والمنصور بالله).