تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولا يكتمون الله حديثا}

صفحة 372 - الجزء 2

  لا يدل عليه، ولا حجة في ذلك للإمامية أنه لا بد في كل زمن من معصوم؛ إذ العصمة غير شرط في الشهادة، ويجوز أن يتأول بالملائكة وبالمؤمنين.

  وعند أبي علي لا بد لكل دهر من قوم يقومون بالحق.

  وقال الحاكم: ليس ذلك لازم⁣(⁣١).

  قوله تعالى: {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً}⁣[النساء: ٤٢]

  اختلف المفسرون في معنى ذلك، فعن عطاء أنه متصل بما قبله⁣(⁣٢)


(١) ومثله في التهذيب للحاكم ولفظه (وتدل على أن في كل أمة شهيدا يشهد عليهم، ثم ذلك الشهيد يكون نبيا، أو غير نبي يقف على دليل سمعي، لأن الظاهر لا يدل عليه، وكلا الوجهين يجوز عقلا، ولا حجة فيه للإمامية أنه لا بد في كل لا زمان من معصوم، لأنه ليس من شرط الشهادة العصمة، ولو تأوله متأول على الملائكة، أو على المؤمنين لم يبعد، وإنما حملنا (بك) على النبي ÷ للإشارة اليه، على أن عند أبي علي لا بد في كل عصر من قوم يقومون بالحق، وإن كان ذلك عندنا ليس بشرط).

(٢) ومثله في التهذيب للحاكم ولفظه {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً} قيل: إنه يتصل بما قبله أي ودوا لو تسوى بهم الأرض، وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد ÷ ولا بعثته عن عطاء، وقيل: بل هو كلام مستأنف يعني: لا يكتمون الله يوم القيامة شيئا، لأن ما عملوه لا يخفى على الله تعالى فكيف يكتمونه عن أبي علي، وقيل: لا يكتمون لأن جوارحهم تشهد عليهم وتنطق بأعمالهم، وقيل: لا يكتمون شيئا في الدنيا، لأنه تعالى مطلع عليهم عن أبي علي، ويقال: كيف التلفيق بين هذه الآية وبين قوله {وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ}؟ قلنا: فيه أربعة أقوال - الأول - أن في الآخرة مواطن ومقامات، ففي موطن لا تسمع إلا همسا، وفي موطن يكذبون، ويقولون: {وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ}، وفي موضع يعترفون ويسألون الرجعة عن الحسن. الثاني - ولا يكتمون داخل في التمني بعد ما نطق جوارحهم لفضيحتهم عن ابن عباس. الثالث - لا يعتد بكتمانهم لأنه ظاهر عند الله تعالى. الرابع - أنهم لم يقصدوا الكتمان وإنما اخبروا على حسب ما توهموا تقديره: والله ما كنا مشركين عند انفسنا بل كنا مصيبين في ظنوننا حتى تحققنا الآن).