وقوله تعالى: {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}
  عليهم، وقد روي عن علي # أنه قال: «لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف».
  فأما مشركو العجم فتقبل منهم الجزية، وللناظر نظره في ترجيح طرق اجتناء هذا الحكم من هذه الحدائق.
  وقوله تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} سره الزمخشري بوجهين: الأول: أن المراد فإن انتهوا عن الشرك فلا عدوان عليهم؛ إنما يكون على الظالمين الذين لم ينتهوا، وسماه عدوانا للمشاكلة، وكقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ}.
  والثاني: أن المراد أنكم إذا تعرضتم لهم بعد الإنتهاء سلط الله عليكم من يعدو عليكم لظلمكم المنتهين.
  قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ١٤٩]
  السبب في نزول هذه الآية:
  أن المشركين عام الحديبية قاتلوا المسلمين في الشهر الحرام، وهو ذو القعدة، فقيل لهم عند خروجهم لعمرة القضاء، وكراهتهم القتال، وذلك في ذي القعدة: {الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ} أي: هذا الشهر بذلك الشهر، وهتكه بهتكه، هذا معنى ما في الكشاف(١).
(١) ولفظه: (قاتلهم المشركون عام الحديبية في الشهر الحرام وهو ذو القعدة، فقيل لهم عند خروجهم لعمرة القضاء وكراهتهم القتال وذلك في ذي القعدة: {الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ} أي هذا الشهر بذلك الشهر وهتكه بهتكه، يعني تهتكون حرمته عليهم كما هتكوا حرمته عليكم).