تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب}

صفحة 295 - الجزء 3

  أنكروا وعظ الواعظين؛ لأنهم أيسوا من رجوعهم، وأن الوعظ لا يجدي، وعند ذلك يصير عبثا، ويحصل بذلك الاستهزاء بالواعظ.

  قال الزمخشري: ويقبح، وإنما وعظت الأمة الثانية لأنهم لم ييأسوا كما أيس الآخرون، فدلت على سقوط الأمر عند الأياس من التأثير.

  وأما حسنه فقيل: يقبح أيضا، وهو الذي أشار إليه الزمخشري، وإنما قالت الأمة الثانية: {مَعْذِرَةً} لرجائهم لإيمانهم، وقيل: أما الوجوب فيسقط، وأما الحسن فيبقى، ولهذا قالت الأمة الثانية معذرة، واختار هذا الإمام يحيى⁣(⁣١)، واحتج بهذه الآية، فعلى هذا يكون الناهون عن الوعظ ممن نجا، وهذا مروي عن الحسن، وعكرمة، والأصم، وأبي علي.

  وعن الحسن: نجت فرقتان، يعني: الواعظة، والساكتة، وهلكت فرقة وهم الذين صادوا، وقيل: هم ممن هلك، وهذا رواية ابن عباس.

  وقيل: القائلون لم تعظون هم الموعوظون لما وعظوا، قالوا للواعظين: لم تعظون قوما تزعمون أن الله مهلكهم أو معذبهم؟ وقد يستدل أن الذرائع محرمة؛ لأنه قد روي أنهم نصبوا الشراك الجمعة، وأخذوها الأحد.

  قوله تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ}⁣[الأعراف: ١٦٥]

  قيل: النسيان عبارة عن الترك فلهذا يعذبوا، وقيل: تعرضوا للنسيان فلهذا عذبوا. وأما النسيان فهو فعل الله، ولا يعذبون عليه.


(١) وقد تقدمت هذه الأقوال في أول البقرة في قوله: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} الخ.