تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر}

صفحة 229 - الجزء 1

  قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}⁣[البقرة: ١٢٦]

  قد دلت الآية على أمن مكة، وقد تقدم ذلك، لكن اختلف أهل التفسير، فقيل: إنما صار حرما آمنا بدعاء إبراهيم #، وقبل إبراهيم لم يكن كذلك ويدل عليه قوله ÷: (إن إبراهيم حرّم مكة، وأمّنة، وإني حرّمت المدينة ما بين لابتيها).

  وقيل: كان الحرم آمنا قبل دعوة إبراهيم #، وأكده إبراهيم بالدعاء.

  يدل عليه ما روي⁣(⁣١) أنه ÷ قال يوم فتح مكة: (إن مكة حرام حرمها الله يوم خلق السموات والأرض، لم تحل لأحد قبلي، ولا لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار).

  وقيل: كانت حراما قبل الدعوة بوجه غير الذي حرمت عليه بعد الدعوة.

  وقوله: {آمِناً} أي: ذا أمن كقولهم عيشة راضية، أو: آمنا أهله، كقولهم: ليل نائم، أي أهله.

  وتدل الآية على جواز الدعاء بمنافع الدنيا للكفار، لا بالولايات الدينية؛ لأن إبراهيم # لما قال: {مَنْ آمَنَ} يعني: أرزق من آمن خاصة⁣(⁣٢)، وذلك تأدبا لما رد الله تعالى حيث قال: {قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة: ١٢٤] وقد قال


(١) من رواية الإمام زيد بن علي #. (ح / ص). وفي نسخة (وإنما حلت لي).

(٢) ولعل العموم فهم من الإطلاق لا من لفظ عموم الخبر. (ح / ص).