قوله تعالى: {وجاء بكم من البدو}
  قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً}[يوسف: ١٠٠]
  إن قيل: إن السجود لغير الله لا يجوز، وظاهر الكلام أنهم سجدوا ليوسف؟
  قلنا: في ذلك وجوه:
  الأول: أن ذلك كان تحية لهم، كتقبيل اليد، لا أن ذلك كان على وجه العبادة.
  الثاني: أنهم عظموه بالسجود، والمعبود هو الله سبحانه، كما جاء في قصة آدم: عن الأصم.
  الثالث: أن المراد جعلوه قبلة، والسجود لله تعالى،: عن أبي علي.
  الرابع: أنه أراد بالسجود الخضوع.
  الخامس: أن المراد وسجدوا له، أي: لله، عن ابن عباس.
  السادس: واستحسنه الحاكم: أن المراد سجدوا له أي: لأجله، وإلّا فالسجود لله، لكن هو سبب السجود.
  قوله تعالى: {وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ}[يوسف: ١٠٠]
  وجمع بين الخروج من السجن والانتقال من البدو في أن ذلك إحسان ونعمة، وذلك لما كان أحوال البادية يلحق أهلها قصور، وكانوا أهل ماشية، وفي الحديث عنه ÷: «من بدا فقد جفا» أي: من حل البادية، ويروى لجرير:
  أرض الفلاحة لو أتاها جرول ... أعنى الحطيئة لاغتدى حراثا
  ما جئتها من أي وجه جئتها ... إلا حسبت بيوتها أجداثا