تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون}

صفحة 215 - الجزء 3

  وعن النبي ÷: «أول من غير دين إبراهيم، ونصب الأوثان عمرو ابن لحي، ولقد رأيته يجر قصبه في النار - أي: أمعائه -» والأقصاب الأمعاء، واحدها قصب - بضم القاف وسكون الصاد -.

  قال الحاكم: واستدل بعضهم على بطلان الوقف بالآية؛ لأن الملك لا يخرج من ملك صاحبه إلى إلا مالك آخر، أو على وجه القربة إلى الله تعالى، كتحرير الرقاب.

  قال الحاكم: وليس بصحيح؛ لأن الوقف قربة كالعتق⁣(⁣١)، ولقائل أن يقول: يستدل بالآية على نظير ذلك، وهو ما يلقى في الأنهار والطرق، وقرب الأشجار من طرح البيض والفراريخ ونحو ذلك، فلا يجوز فعله، ولا يزول ملك المالك، ويحتمل أن يقال: قد رغب عنه وصيره مباحا.

  وأما كسر البيض على العمارة، والطرق، والأبواب، فالظاهر عدم الجواز؛ لأن في ذلك إضاعة مال، ولم يرد بفعله دليل.

  قوله تعالى {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}⁣[المائدة: ١٠٤]

  ثمرة ذلك: قبح التقليد، ووجوب النظر، واتباع الحجة، وهذا في المسائل العقلية.

  وعن العنبري، وأبي مضر جواز ذلك، واستدل أبو مضر بقوله تعالى في سورة الأحزاب: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب: ٥] وغلّطه الكني.


(١) هذا يصلح حجة على العاري عن وجه القربة، يعني: أنه لا يصح.