قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله}
  وقيل: تمامهما أن تكون النفقة حلالا عن الضحاك، وقيل: تمامهما أن لا يشاركا بتجارة، ولا عمل دنيوي عن سفيان، وقيل: تمامهما أن يفرد لكل واحد منهما سفر، وهذا مروي عن طاووس، وسعيد بن جبير، وقيل: أن يأتي بهما ولا يلزمه دم عن قتادة.
  وأما شروطهما، وصفاتهما، وشرائط وجوبهما فمأخوذ من غير الآية هذه، ودلالتها على ذلك مجملة، وذكر البعض من ذلك أليق بغير هذا الموضع.
  والعمرة: مأخوذة من العمارة، وهي عمارة البيت بالزيارة، وقيل: من الاعتمار، الذي هو القصد، قال الشاعر:
  ومعتمر في ركب عزة لم يكن ... يريد اعتمار البيت لو لا اعتمارها
  أي: لو لا قصدها ما قصد البيت.
  قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]
  اعلم أنه يتعلق بهذه الآية الكريمة أحكام: الأول: ما تفيده الآية من أسباب الإحصار، وقد اختلف أهل التفسير في ذلك، وسائر العلماء على أقوال ثلاثة:
  الأول: أن الآية تفيد المنع بالمرض، والعدوّ، وغيرهما من الموانع؛ لأن أصل الحصر من الحبس والمنع، يقال: أحصره المرض إذا منعه عن سفر أو حاجة، ويقال للملك: حصير؛ لاحتباسه عن الناس.
  والحصر: لاحتباس البطن عن غائط أو بول.
  والحصور: الذي لا يأتي النساء، قال الله تعالى: {وَسَيِّداً وَحَصُوراً}[آل عمران: ٣٩] والحصير المحبس، قال الله تعالى: {لِلْكافِرِينَ حَصِيراً}[الإسراء: ٨]