تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل}

صفحة 190 - الجزء 1

  يجوز إلى غير بدل، وهذا مذهب الأكثر من الأئمة والفقهاء؛ لأن المصلحة قد تكون برفع الحكم، وقد ورد، كنسخ الصدقة بين يدي المناجاة.

  وقال بعضهم: لا بد من بدل لقوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها} أجيب بأنه تعالى لم يقل في موضع المنسوخ، فيجوز أن يثبت حكما ما في موضع آخر⁣(⁣١)، وبأن الترك والتخفيف قد يكون خيرا في المصلحة.

  وهل ينسخ الحكم إلى أشق منه أم لا؟ الجمهور على جواز ذلك؛ لأنه قد يكون خيرا في المصلحة، وقد ورد كالتخيير في الصوم بين فعله، وبين الفدية حيث قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٤] ثم نسخ بتعيين الصوم بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}⁣[البقرة: ١٨٥].

  وخالف قوم من الظاهرية، فقالوا: لا ينسخ الشيئ بأشق منه، لقوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها}⁣[البقرة: ١٠٦] وذلك للأيسر، قلنا: الخير بما هو أصلح

  قال الأكثر: ويجوز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، والسنة بالكتاب؛ لأن الكل من عند الله تعالى.

  قوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ}⁣[البقرة ١٠٨]

  السبب في نزولها:

  أن بعض المشركين قال لرسول الله ÷: فجر لنا أنهارا نتبعك.


(١) أما هذا الجواب ففيه تسليم أنه لا بد من بدل في الجملة، وهو محل النزاع.