قوله تعالى: {ولربك فاصبر}
  اختلف المفسرون في معنى ذلك على أقوال:
  الأول: أن المعنى لا تعط شيئا لتنال أكثر منه، وهذا مروي عن ابن عباس، وإبراهيم، والضحاك، وقتادة، ومجاهد.
  قال جار الله | وفي هذا وجهان:
  الأول: أن يكون النهي للتنزيه وإلا فهو جائز، وقد جاء في الحديث: «المستغزر يثاب من هبته».
  الثاني: أن يكون هذا النهي خاصا لرسول الله ÷؛ لأن الله تعالى اختار له أشرف الآداب وأحسن الأخلاق.
  وقيل: أراد الربا الحرام الذي يعطي شيئا لطلب أن يعطى أكثر منه عن الضحاك، وأبي مسلم. وقيل: لا تمنّ على الله بعملك فتستكثره، عن الحسن. وقيل: لا يكبرن عملك في عينيك فإنه قليل بالإضافة إلى نعم الله عليك، عن الربيع. وقيل: لا تقصر في عملك مستكثرا لطاعتك، عن مجاهد. وقيل: لا تمنّ بما أعطيت وتراه كثيرا.
  قوله تعالى: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}. قيل: يعني على أذى المشركين. وقيل: على ما تعطي حتى تكون المثوبة من الله تعالى. وقيل: على ما كلفت، وقيل: على المعاصي، والطاعات، والمصائب. وقيل: على مجاهدة الكفار، وقد ظهرت الثمرة في التفسير.
  قوله تعالى: {قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ}[المدثر: ٤٣ - ٤٤]
  في ذلك دلالة على أن الكافر مخاطب بالشرائع كما نقول نحن والشافعي، خلاف أبي حنيفة.