تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}

صفحة 149 - الجزء 2

  وقوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} هذا خطاب للشهود، والمعنى: لا يكتمها عند أن يطلب صاحبها تأديتها، ويحتاج إلى ذلك.

  وأضاف تعالى الإثم إلى القلب، والجملة هي الآثمة، قال الزمخشري: لأمور:

  الأول: أن كتمها هو أن يضمرها، ولا يتكلم بها، فكان إثمه بإضمار القلب، فأسند إليه؛ لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يفعل بها أبلغ، ولهذا إذا أرادوا التأكيد قالوا: هذا مما أبصرته عيني، وسمعته أذني، وعرفه قلبي.

  الثاني: أن القلب رئيس الأعضاء، والمضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله، فكأنه قال: فقد تمكن في الإثم في أصل نفسه، وملك أشرف مكان فيه.

  الثالث: أن أفعال القلوب أعظم من أفعال سائر الجوارح؛ لأن الإيمان والكفر من أفعال القلوب⁣(⁣١)، فإذا جعل الكتمان من آثام القلب فقد شهد له أنه من معظم الذنوب.

  وعن ابن عباس «أكبر الكبائر الإشراك بالله، لقوله تعالى: {فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ}⁣[المائدة: ٧٢] وشهادة الزور، وكتمان الشهادة.

  وفي الحديث عنه ÷ «كاتم الشهادة كشاهد الزور».


(١) لأن أكثر الناس يشترطون أنه لا بد أن يصحب الفعل الإعتقاد ... وظاهر كلام أهل المذهب أن فعل ما يوجب الكفر من قول أو فعل - يوجب الكفر وإن لم يعتقد معناه - يفهم وقوع الكفر بغير فعل القلب. والله أعلم فينظر. (ح / ص).