وقوله تعالى: {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}
  وقوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} هذا خطاب للشهود، والمعنى: لا يكتمها عند أن يطلب صاحبها تأديتها، ويحتاج إلى ذلك.
  وأضاف تعالى الإثم إلى القلب، والجملة هي الآثمة، قال الزمخشري: لأمور:
  الأول: أن كتمها هو أن يضمرها، ولا يتكلم بها، فكان إثمه بإضمار القلب، فأسند إليه؛ لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يفعل بها أبلغ، ولهذا إذا أرادوا التأكيد قالوا: هذا مما أبصرته عيني، وسمعته أذني، وعرفه قلبي.
  الثاني: أن القلب رئيس الأعضاء، والمضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد الجسد كله، فكأنه قال: فقد تمكن في الإثم في أصل نفسه، وملك أشرف مكان فيه.
  الثالث: أن أفعال القلوب أعظم من أفعال سائر الجوارح؛ لأن الإيمان والكفر من أفعال القلوب(١)، فإذا جعل الكتمان من آثام القلب فقد شهد له أنه من معظم الذنوب.
  وعن ابن عباس «أكبر الكبائر الإشراك بالله، لقوله تعالى: {فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ}[المائدة: ٧٢] وشهادة الزور، وكتمان الشهادة.
  وفي الحديث عنه ÷ «كاتم الشهادة كشاهد الزور».
(١) لأن أكثر الناس يشترطون أنه لا بد أن يصحب الفعل الإعتقاد ... وظاهر كلام أهل المذهب أن فعل ما يوجب الكفر من قول أو فعل - يوجب الكفر وإن لم يعتقد معناه - يفهم وقوع الكفر بغير فعل القلب. والله أعلم فينظر. (ح / ص).