قوله تعالى: {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم}
  والمعنى بقوله تعالى: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[الانعام: ١٥٢] أي بالخصلة التي هي أحسن، وهي مقابلة الخشونة باللين، والغضب بالكظم، والسورة بالأناة كما قال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[المؤمنون: ٩٦].
  وثمرة ذلك:
  أن الواجب في إزالة المنكر والأمر بالمعروف الدعاء بأحسن الوجوه، وألطفها لأنه يكون أقرب إلى القبول؛ ولهذا قال تعالى في سورة طه: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى}[طه: ٤٤] فلا يتجاوز إلى الخشن إذا أثر اللين، ثم بعد ذلك القول اللين بالقول الخشن، ثم إذا لم يؤثر فبالدفع، ثم بالضرب.
  وإذا أمر باللين مع الكافر فاللين مع من كان من أهل الملة أولى.
  وفي ملاطفة رسول الله ÷ في أوامره ونواهيه، ومكارم أخلاقه دليل ظاهر على هذا، ولقد كان الفضل بن العباس رديفا لرسول الله ÷ فنظر إلى امرأة فميل وجهه عنها وقال: «شاب وشابة، خشينا أن يفتن الشيطان بينهما» ولم يفزعه ولا وبخه، وقد ذكر فيما تقدم(١) أن الجدال ينقسم.
  قوله تعالى: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}[العنكبوت: ٤٦]
  هذا بيان الجدال بالأحسن، والمراد أنهم لا يكذبون.
  قال في الكشاف: وفي الخبر عنه ÷: «ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وبكتبه ورسله، فإن كان باطلا لم تصدقوهم وإن كان حقا لم تكذبوهم».
(١) في سورة الكهف في تفسير قوله تعالى: {وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ} تمت.