تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم}

صفحة 271 - الجزء 1

  وأما الشرط في الآية، وهو قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} فإنما ذكره لصحة الشكر، فهو شرط للأداء، كالطهارة في الصلاة، وقيل: قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} أي: إن كنتم مخلصين له العبادة⁣(⁣١).

  الحكم الثالث: ذكره الحاكم: أن ذلك يدل على تحريم الخبيث، كأنه تعالى قال: كلوا من الطيب دون الخبيث، فيحرم ما يستخبثه العرب، وقد صرح بذلك في قوله تعالى في سورة الأعراف: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ}⁣[الأعراف: ١٥٧] فعلى هذا يحرم الطعام إذا وقع فيه ما لا دم له فأنتن، وتحرم الخنافس والجعلان، ونحو ذلك مما يستخبث، وسيأتي زيادة على هذا إن شاء الله تعالى.

  قوله تعالى: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}⁣[البقرة: ١٧٣]

  هذه الآية الكريمة قد صرحت بتحريم ما ذكر، وثم محرمات غيرها، فما فائدة الحصر؟ لأن لفظة: «إنما» واردة للحصر، وجواب هذا: أنها واردة هنا للتأكيد؛ لأنها قد ترد للتأكيد والمبالغة، كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}⁣[الأنفال: ٢] والإجماع أن من لم يكن كذلك، لا يخرج من الإيمان، وقد حكى أبو علي الفارسي عن النحاة: أنها للحصر، وصوبهم، واحتج بقول الأعشى.

  ولست بالأكثر منهم حصى ... وإنما العزة للكاثر


(١) وفي الكشاف (إن صحّ أنكم تخصونه بالعبادة. وتقرّون أنه مولى النعم. وعن النبي ÷ «يقول الله تعالى: إني والجنّ والإنس في نبأ عظيم، أخلق، ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري».