قوله تعالى: {وأنتم تتلون الكتاب}
  الثمرة المطلوبة من ذلك:
  أن البر المراد هنا واجب؛ لأن الله تعالى وبخهم على تركه، والمراد بالنسيان هنا: الترك، ومنه قوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ}[التوبة: ٦٧].
  وهذه الآية نزلت في أحبار اليهود؛ لأنهم كانوا يأمرون من نصحوه من أقاربهم في السر باتباع محمد ÷، ولا يتبعونه.
  وقيل: كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدقون.
  وقيل: كانوا يأمرون أتباعهم بالتمسك بكتابهم، ويتركون ذلك؛ لأن جحدهم النبي ÷ مع كون صفته في كتابهم ترك لكتابهم.
  وقيل: كانوا يأمرون العرب بالإسلام إذا بعث إليهم نبي، فلما بعث النبي ÷ كفروا به.
  قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ} يعني التوراة، وفيها(١) صفة النبي ÷.
  إن قيل: الأمر بالبر طاعة، فلم نهوا عنه؟ قال الحاكم: المذموم: ما ضموا إليه من ترك العمل به.
  وقيل: لأنهم لم يأمروا بالبر لحسنة؛ إذا لبدأوا بنفوسهم، وذلك لأن الأمر واجب، والعمل واجب، فالإخلال بأحد الواجبين لا يسقط الآخر، ولا يمنع من تأديته.
  وعن الحسن ¥: «لو لم نأمر بشيء حتى نفعل لضاع الأمر» ولكن حصل التوبيخ لترك البر مع المعرفة بحسنه ولزومه، وذنب العالم أعظم. ولهذا قال تعالى: {وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ} يعني: وأنتم
(١) في نسخة (وفيه).